متكثرة متعددة لا محالة ولا مستند للحكم بجهة الإطلاق إلاها حتى لو فرض شخص ما متنبها عند حكمه على ما حكم فيه لجميع مواضع الغلط ومواقع الزلل لما تصور منه القضاء بذلك مطلقا .
وما ذكروه من ادعاء الضرورة للعلم بحسن العلم والإيمان وقبح الجهل والكفران فمن أحاط بما ذكرناه وفهم ما قررناه بان له وجه فساده من غير توقف ثم كيف يقنع بالاسترسال في ادعاء ذلك مع ان أكثر العقلاء في ذلك لهم مخالفون وهم عما يدعونه مدافعون ولو كان مجرد ذلك كافيا لاكتفى به من جحد الصانع وقضى بالتجسيد والتشبيه وذلك مما يبطل القضايا العقلية والأمور النظرية وهو ممتنع وليس اتفاق بعض العقلاء عليه مما يوجب كونه ضروريا وإلا للزم أن ما اتفق عليه الخصوم أيضا ضرورى لكونهم من جملة العقلاء بل أكثرهم وذلك يفضى إلى كون الشئ لواحد معلوما نفيه وإثباته في حالة واحدة بالضرورة وهو ممتنع .
كيف وكم من شئ اتفق عليه أكثر العقلاء وليس بضرورى كما في حدث العالم ووجود الصانع ونحوه بل لو قدر اتفاق المخالف لهم بحيث وقع الإطباق على ذلك فإنه لا ينقلب ألبتة ضروريا على معنى أنه لو خلى الإنسان ودواعى نفسه يحكم به من غير توقف على أمر ما .
لم يبق إلا قولهم إن الاضطرار إلى معرفة كون الحسن والقبح ذاتيا واقع لا محالة وإنما النزاع في مدركه ومن تنبه لما أشرنا إليه علم أن ذلك غلط من قائله لوجهين .
الوجه الأول أن ما حكموا بتقبيحه فنحن قد نحكم بتحسينه وذلك كإيلام الحيوان وتعذيب الانسان من غير ثواب ولا لغرض مقصود فكيف يدعى الموافقة على نفس الحسن والقبح وكونه ذاتيا