يقضى ببديهته على حسن العلم والإيمان وقبح الجهل والكفران من غير توقف على أمر خارج أصلا ومن أنكر ذلك فهو لا محالة معاند مجاحد مع أن اتفاق العقلاء على ذلك مما يخصمه .
قلنا ما ذكرتموه من الإلزامات واعتمدتموه من الخيالات مهما قطع النظر فيها عما ذكرناه من المقاصد والأغراض فالترجيح لا محالة يكون ممتنعا والمحتج به يكون منقطعا ومهما لم يكن بد من الأغراض فيما حكم العقل بحسنه أو قبحه امتنع أن يكون ذلك له ذاتيا كما مهدناه .
ومن قضى بإطلاق التحسين لما حسنه أو التقبيح لما قبحه من غير اقتصار على متعلق الغرض فليس ذلك إلا لذهوله عن محز الغلط ومثار الفرط وهو إما حبه لنفسه وشغفه بما تعلق به غضه فإنه قد يحكم إذ ذاك قطعا بحسن ما وافق غرضه وقبح ما خالفه من غير التفات إلى غرض الغير لكونه غير مشغوف به وذلك كمن يحكم بحسن صورة ما أو قبحها لما وافق من غرضه أو خالف مطلقا وإن جاز أن يكون غرض غيره مخالفا لغرضه .
وقد يكون ذلك لكون ما يحكم بحسنه أو قبحه مما يوافق الأغراض غالبا ومخالفة لها نادرا فيحكم عليه بكونه حسنا أو قبيحا مطلقا لخفاء موضع المخالفة عليه وندرته في وقوعه وذلك كمن يحكم على الكذب بأنه قبيح مطلقا فلا يلتفت إلى حسنه عندما يستفاد به عصمة دم نبى أو ولى لندرته وخفائه في نفسه ومثارات الغلط في ذلك