والقبح على سمرة اللون مثل بالنسبة إلى من يستحسنها أو يستقبحها وكالحكم بقبح الكذب الذى لا غرض فيه وحسنه إذا قصد به إحقان دم نبى أو ولى من غاشم يقصد قتله وهلم جرا في كل ما يقضى العقل باعتباره على كون الشئ حسنا أو قبيحا ولو كان ذلك ذاتيا لما اختلف باعتبار النسب والإضافات بل لوجب أن يكون متحققا مع تحقق الذات وان تغيرت الحالات كما في سائر الذاتيات .
وان كان الحاكم به الشرع فلا محالة أنه قد يحكم بكون القتل مثلا أو الكذب قبيحا في حق العاقل القاتل لا لغرض ولا يحكم بقبح ذلك في حق الصبى والمجنون بل وقد يحكم بحسن شريعة ما بالنسبة إلى قوم ويقبحها بالنسبة إلى آخرين ولهذا صح القول بنسخ الشرائع ولو كان القضاء فيه بالحسن أو القبح على شئ ما لذاته ونفسه لا لنفس الخطاب لما تصور أن يختلف ذلك باختلاف الأمم والأعصار على ما حققناه .
فإن قيل لو كان الأمر على ما ذكرتموه لوجب أن من أراد قضاء حاجة وكان سبيله فيها إما الصدق وإما الكذب وهما بالنسبة إلى قضاء حاجته سيان أن لا يرجح الصدق على الكذب وأن من رأى شخصا في الهلاك وهو قادر على إنقاذه وخلاصه وليس له في إنقاذه غرض ولا هو متدين بدين بل ربما أوجب ذلك عنده تعبا ونصبا أن لا يرجح عنده الإنقاذ على عدمه وهو مما تقضى العقول السليمة برده وإبطاله وإذا ثبت الترجيح فلو لم يكن ذلك لحسنه في ذاته وإلا كان عبثا وسفها ثم كيف ننكر ذلك والعقل الصريح