وما ذكرتموه من امتناع رعاية الأصلح فإنما يلزم أن لو لم يكن ما تجب رعايته مقدرا ومضبوطا وضبط ذلك وتقديره مما يعلم الله تعالى أن الزيادة عليه مما يوجب للعبد العتو والطغيان والكفران والعناد ولا محالة أن رعاية مثل ذلك لا يفضى إلى محال .
وما وقعت الإشارة إليه من أقسام مدلولات الواجب مما لا ننكره ولا ننكر امتناع الوجوب في حق الله تعالى بالإعتبار الأول والثانى إنما النزاع في الاعتبار الثالث فإن معنى كون الفعل واجبا على الله تعالى ليس إلا أنه يلزم من فرض عدمه المحال وذلك المحال ليس هو لازما من فرض عدم الفعل لذاته بل لغيره فمعنى كون الصلاح في الفعل واجب الرعاية أنه يلزم من فرض عدمه العبث في حق الله وهو محال ومعنى كون الثواب على إيلام الحيوان واجبا أنه يلزم الظلم من فرض عدمه في حق الله تعالى وصدور القبيح منه وهو محال ولهذا صارت التناسخية إلى أن ذلك لا يقع إلا جزاء منه لها على ما فرطت واقترفت من الكبائر والجناية حين كانت أنفسها في قوالب أشرف وأحسن من قوالب الحيوان .
ومن الناس من جعله قبيحا لعينه وذاته ثم منهم من اضافه إلى ظلمه كالتناسخية ومنهم من لم يسلم وجوده كالبكرية فما ظنك به مع خلوه عن الجزاء المقابل وعلى هذا كل ما يوصف بالوجود من أفعال الله تعالى