وما يلحق الإنسان من مشقة التكليف والآلام في الدنيا فبالنظر إلى ما يناله على ذلك من الثواب في العقبى قليل من كثير مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء ولا محالة أن فوات الخير الكثير دفعا للشر اليسير شر كثير والتزام الشر اليسير رعاية للخير الكثير خير كثير وفائدة خلود أهل النار في النار كفهم عن الكفر والفساد والعناد والشقاق والنفاق ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه من ذلك فهو الأصلح لهم ثم لا ينكر أن العلة قد تخفى وتدق عن أن تصل إليه أفهام الخلق كما في إماتة الأنبياء وإنظار ابليس وإحياء من علم كفره إلى حيث البلوغ ونحوه فمجرد استبعاد العلة لخفائها وعدم الاطلاع عليها مما لا يفيد لأنه لا يلزم من عدم الاطلاع عليها القول بانتفائها في نفسها .
ولا يلزم من وجوب رعاية الصلاح في حق الله تعالى وجوب النوافل بالنسبة إلى أفعالنا لكونها صالحة فإن رعاية ذلك بطريق الوجوب بالنسبة إلى أفعالنا مما يوجب الكد والجهد في حقنا ولا كذلك البارى تعالى فانه قادر على نفع الغير وصلاحه من غير أن يلتحق به جهد ولا ضرر فلذلك جاز القول بإيجاب الفعل الصلاح في حق البارى دون غيره ولهذا المعنى لم نقل بوجوب رعاية الصلاح والأصلح في حق الواحد منا مع تمكنه منه .
وليس القول بوجوب رعاية الصلاح في حق الغائب بالقياس على الشاهد ليلزم ما ذكرتموه بل هو مستند إلى ما ذكرناه من إحالة صدور القبيح والعبث عن واجب الوجود كما بيناه