على هذا الاعتبار مع الاعتراف بتكليف أبى جهل بالإيمان وهو ممنوع منه لعلم الله تعالى أن ذلك منه غير واقع ولا هو إليه واصل .
فإن قيل لو لم يكن فعل واجب الوجود لغرض مقصود مع ان الدليل قد دل على كونه حكيما في أفعاله غير عابث في إبداعه لكان عابثا والعبث قبيح والقبيح لا يصدر من الحكيم المطلق والخير المحض وإذا لا بد له في فعله من غرض يقصده ومطلوب يعتمده نفيا للنقص عنه وتنزيها له عن صدور القبيح منه وما ذكرتموه من تعلق النقص والكمال به بالنظر إلى الغرض والمقصود فإنما يلزم أن لو كان ذلك الغرض عائدا اليه وكماله ونقصه متوقفا عليه وليس كذلك بل هو الغنى المطلق واستغناء كل ما سواه ليس إلا به بل عوده إنما هو الى المخلوق وذلك مما لا يوجب كمالا ولا نقصانا بالنسبة إلى واجب الوجود وإذا ثبت أنه لا بد من حكمة وفائدة ففائدة خلق العناصر والمركبات والمعدنيات وغير ذلك من الجمادات العناية بنوع الحيوان لأجل انتظام أحواله في مهماته وأفعاله والاستدلال بما في طيها من الآيات والدلائل الباهرات على وجود واجب الوجود ووحدانية المعبود وإليه الإشارة بقوله عليه السلام كنت كنزا لم أعرف فخلقت خلقا لأعرف به