وما أوردوه من الظواهر في معرض إثبات الحدث والأولية فظنية غير يقينية كيف وإن قوله ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث يحتمل أن يكون معناه الوعظ والتذكير الخارج عن القرآن وهو الأقرب فإن القرآن لم يحدث عندهم لعبا وضحكا بل إفحاما وإشداها ثم القول بموجب الآية متجه لا محالة فإنها دلت على الضحك واللعب عند ورود الذكر الحادث وليس فيها دلالة على حدث كل ما يرد من الأذكار فلا يلزم أن يكون القرآن حادثا ثم إن المراد إنما هو العبارات والدلالات دون المدلولات كما حققناه .
وأما قوله وكان امر الله مفعولا فيصح أن يقال المراد به فعله من الثواب والعقاب ونحوه فإن الأمر قد يطلق بإزاء الفعل كما قال تعالى وما أمرنا إلا واحدة أي فعلنا وقوله وما أمر فرعون يعنى فعله .
والمراد بقوله إنا جعلناه قرآنا عربيا أي سميناه فإن الجعل قد يطلق بمعنى التسمية ومنه قوله تعالى الذين جعلوا القرآن عضين أي سموه كذبا وقوله وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا سموهم بذلك كيف وأنه يحتمل أنه اراد به القرآن بمعنى القراءة كما بيناه وذلك لا يقدح في المقصود ثم إن هذه الآيات معارضة بمثلها وهو قوله تعالى ألا له الخلق والأمر فقد أثبت له خلقا وأمرا فلو كان الأمر مخلوقا لكان معنى الكلام ألا له الخلق والخلق وأيضا قوله إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له