وأهل هذا القول قالوا أنه تعالى لو عذب العبد بسبب لونه وطوله وقصره لم يكن ظالما بل قالوا أنه تعالى لو عذب أهل السموات والأرض جميعا من الملائكة والأنبياء وغيرهم لكان عدلا منه وحقا له وحكمة من فعله وان كان لا يفعل ذلك واو لم يخلق النار وأدخل الخلق جميعا الجنة لكان عدلا منه وحقا وحكمة كل ذلك عدلا من الله لا من غيره ولله الحجة البالغة لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وأنه لا يجب ولا يحرم ولا يحسن ولا يقبح شئ إلا ما أوجبه الله أو حرمه أو حسنه أو قبحه وقد أباح سبحانه أخذ أموال بالمشرق من أجل قريب لهم قتل قتيلا خطأ بالمغرب وهذا الوطء بالتزويج حسن حلال وبالزنا قبيح حرام بل الخمرة الخمرة قبل تحريمها وبعده كذلك مع أن الصورة والعين واحدة وكذلك بذبح الإنسان بقرته وذبحه حماره فالأول حسن حلال .
والثاني قبيح حرام لما فيه من تعذيب الحيوان والتصرف فيما لا يملك فعله ولو أن شخصا قام ثم وضع رأسه في الأرض مطأطئا في غير صلاة بحضرة الناس بلا شك عابثا مقطوعا عليه بالرعونة وكذا لو تجرد شخص في ثيابه أمام الجموع في غير حج ولا عمرة وكشف رأسه واستدار حول بناء قائما مهرولا ورمى بالحصى لكان عند كل من يراه مجنونا بلا شك لا سيما إن أمتنع من قص شاربه وأظفاره لكن لما أمر الله بذلك صار كله حسنا واجبا وصار تركه قبيحا وإنكاره كفرا فأي مدخل للتعليل هنا أو للعقل في تحسين أو تقبيح كما يقوله المعتزلة وكيف العقل يحسن أو يقبح فبثت يقينا أنه لا ظلم ولا قبح إلا ما نهى الله به .
وفعله تعالى أي شيء كان وتكليف ما لا يطاق والتعذيب عليه إنما هو قبيح بالنسبة لنا لا بالنسبة له تعالى إذ الخلق كلهم ملكه وعبيده على الحقيقة لا المجاز