منه عدل يسمح ليهودى أن يخاصم مثل على بن أبى طالب أمام القاضى وهو من نعلم من هو ويستوقفه معه للتقاضى إلى أن قضى الحق بينهما هذا وما سبق بيانه مما جاء به الإسلام هو الذى حببه إلى من كانوا أعداءه ورد إليه أهواءهم حتى صاروا أنصاره وأولياءه .
غلب على المسلين فى كل زمن روح الإسلام فكان من خلقهم العطف على من جاورهم من غيرهم ولم تستشعر قلوبهم عداوة لمن خالفهم إلا بعد أن يحرجهم الجار فهم كانوا يتعلمونها من سواهم ثم لا يكون إلا طائفا يحل ثم يرتحل فإذا انقطعت أسباب الشغب تراجعت القلوب إلى سابق ما الفته من اللين والمياسرة ومع ذلك بل وغفلة المسلمين عن الإسلام وخذلانهم له وسعى الكثير منهم فى هدمه بعلم وبغير علم لم يقف الإسلام فى انتشاره عند حد خصوصا فى الصين وفى إفريقيا ولم يخل زمن من رؤية جموع كثيرة من ملل مختلفة تنزع إلى الأخذبعقائده على بصيرة فيما تنزع إليه لا سيف وراءها ولا داعى أمامها وإنما هو مجرد الاطلاع على ما أودعه مع قليل من حركة الفكر فى العلم بما شرعه ومن هذا تعلم أن سرعة انتشار الدين الإسلامى وإقبال الناس على الاعتقاد به من كل ملة إنما كان لسهولة تعقله ويسر أحكامه وعدالة شريعته وبالجملة لأن فطر البشر تطلب دينا وترتاد منه ما هو أمس بمصالحها وأقرب إلى قلوبها ومشاعرها وأدعى إلى الطمأنينة فى الدنيا والآخرة ودين هذا شأنه يجد إلى القلوب منفذا وإلى العقول مخلصا وبدون حاجة إلى دعاة ينفقون الأموال الكثيرة والأوقات الطويلة ويستكثرون من الوسائل ونصب الحبائل لاسقاط النفوس فيه هذا كان حال الإسلام فى سذاجته الأولى وطهارته التى أنشأه الله عليها ولا يزال على جانب عظيم منها فى بعض أطراف الأرض إلى اليوم .
قال من لم يفهم ما قدمناه أولم يرد أن يفهمه إن الإسلام لم يطف على قلوب العالم بهذه السرعة إلا بالسيف فقد فتح المسلمون ديار غيرهم والقرآن بإحدى اليدين والسيف بالأخرى يعرضون القرآن على المغلوب فان لم يقبله فصل السيف بينه وبين حياته سبحانك هذا بهتان عظيم ما قدمناه من معاملة المسلمين مع