الجادة القويمة حقق لقراء الكتب الإلهية السابقة أن ذلك هو وعد الله لنبييه إبراهيم وإسماعيل وتحقيق استجابة دعاء الخليل ربنا وابعث فيهم رسولا منهم وإن هذا الدين هو ما كانت تبشر به الأنبياء أقوامها من بعدها فلم يجد أهل النصفة منهم سبيلا إلى البقاء على العناد فى مجاحدته فتلقوه شاكرين وتركوا ما كان لهم بين قومهم صابرين أوقع ذلك من الريب فى قلوب مقلديهم ما حركهم إلى النظر فيه فوجدوا لطفا ورحمة وخيرا ونعمة لا عقيدة بنفر منها العقل وهو رائد الإيمان الصادق ولا عمل تضعف عن احتماله الطبيعة البشرية وهى القاضية فى قبول المصالح والمرافق رأوا أن الإسلام يرفع النفوس بشعور من اللاهوت يكاد يعلو بها عن العلم السفلى ويلحقها بالملكوت الأعلى وبدعوها إلى إحياء ذلك الشعور بخمس صلوات فى اليوم وهو مع ذلك لا يمنع من التمتع بالطيبات ولا يفرض من الرياضات وضروب الزهادة ما يشق على الفطرة البشرية تجشمه ويعد برضا الله ونيل ثوابه حتى فى توفية البدن حقه متى حسنت النية وخلصت السريرة فإذا نزلت شهوة أو غلب هوى كان الغفران الإلهى ينتظره متى حسنت التوبة وكملت الأوبة تبدت لهم سذاجة الدين عندما قرءوا القرآن ونظروا فى سيرة الطاهرين من حامليه اليهم وظهر لهم الفرق بين مالا سبيل إلى فهمه وما تكفى جولة نظر فى الوصول إلى علمه فتراموا إليه خفافا من ثقل ما كانوا عليه كانت الأمم تطلب عقلا فى دين فوافاها وتطلع إلى عدل فى إيمان فأتاها فما الذى يحجم بها عن المسارعة إلى طلبتها والمبادرة إلى رغيبتها كانت الشعوب تئن من ضروب الامتياز التى رفعت بعض الطبقات على بعض بغير حق وكان من حكمها أن لا يقام وزن لشئون الأدنين متى عرضت دونها شهوات الأعلين فجاء دين يحدد الحقوق ويسوى بين جميع الطبقات فى احترام النفس والدين والعرض والمال ويسوغ لأمراء فقيرة غير مسلمة أن تأبى بيع بيت صغير بأية قيمة لأمير عظيم مطلق السلطان فى قطر كبير وما كان يريده لنفسه ولكن ليوسع به مسجدا فلما عقد العزيمة على أخذه مع دفع أضعاف قيمته رفعت الشكوى إلى الخليفة فورد أمره برد بينها إليها مع لوم الأمير على ما كان