من دخلوا تحت سلطانهم هو ماتواترت به الأخبار تواترا صحيحا لا يقبل الريبة فى جملته وإن وقع اختلاف فى تفصيله وإنما شهر المسلمون سيوفهم دفاعا عن أنفسهم وكفا للعدوان عنهم ثم كان الافتتاح بعد ذلك من ضرورة الملك ولم يكن من المسلمين مع غيرهم إلا أنهم جاوروهم وأجاروهم فكان الجوار طريق العلم بالإسلام وكانت الحاجة لصلاح العقل والعمل داعية الانتقال إليه .
لو كان السيف ينشر دينا فقد عمل فى الرقاب للاكراه على الدين والإلزام به مهددا كل أمة لم تقبله بالإبادة والمحو من سطح البسيطة مع كثرة الجيوش ووفرة العدد وبلوغ القوة أسمى درجة كانت تمكن لها وابتدأ ذلك العمل قبل ظهور الإسلام بثلاثة قرون كاملة واستمر فى شدته بعد مجىء الإسلام سبعة أجيال أو يزيد فتلك عشرة قرون كاملة لم يبلغ فيها السيف من كسب عقائد البشر مبلغ الإسلام فى أقل من قرن هذا ولم يكن السيف وحده بل كان الحسام لا يتقدم خطوة إلا والدعاة من خلفه يقولون ما يشاءون تحت حمايته مع غيره نفيض من الأفئدة وفصاحة تتدفق عن الألسنة وأموال تخلب ألباب المستضعفين إن فى ذلك لآيات للمستيقنين .
جلت حكمة الله فى أمر هذا الدين سلسبيل حياة نبع فى القفار العربية أبعد بلاد الله عن المدينة فاض حتى شملها فجمع شملها فأحياها حياة شعبية ملية علامده حتى استغرق ممالك كانت تفاخر أهل السماء فى رفعتها وتعلوا أهل الأرض بمدنيتها زلزل هديره على لينه ما كان استحجر من الأرواح فانشقت عن مكنون سر الحياة فيها قالوا كان لا يخلو من غلب بالتحريك قليا تلك سنة الله فى الخلق لا تزال المصارعة بين الحق والباطل والرشد والغى قائمة فى هذا العالم إلى أن يقضى الله قصاءه فيه إذا ساق الله ربيعا إلى أرض جدبة ليحيى ميتنها وينقع غلتها وينمى الخصب فيها أفينقص من قدره أن اتى فى طريقه على عقبة فعلاها أو بيت رفيع العماد فهوى به .
سطح الإسلام على الديار التى بلغها أهله فلم يكن بين أهل تلك الديار وبينه إلا أن يسمعوا كلام الله ويفقهوه واشتغل المسلمون بعضهم ببعض زمنا وانحرفوا