بيوتهم ويغشون مجالسهم ليحملوهم على دين الظافر وبرهانهم الغلبة وحجتهم القوة ولم يقع ذلك لفاتح من المسلمين ولم يعهد فى تاريخ فتوح الإسلام أن كان له دعاة معروفون لهم وظيفة ممتازة يأخذون على أنفسهم العمل فى نشره ويقفون مسعاهم على بث عقائده بين غير المسلمين بل كان المسلمون يكتفون بمخالطة من عداهم ومحاسنتهم فى المعاملة وشهد العالم بأسره أن الإسلام كان يعد مجاملة المغلوبين فضلا وإحسانا عندما كان يعدها الأوروبيون ضعة وضعفا رفع الإسلام ما ثقل من الأتاوات ورد الأموال المسلوبة إلى أربابها وانتزع الحقوق من مغتصبيها ووضع المساواة فىالحق عند التقاضى بين المسلم وغير المسلم بلغ أمر المسلمين فيما بعد أن لا يقبل إسلام من داخل فيه إلا بين يدى قاض شرعى بإقرار من المسلم الجديد أنه أسلم بلا إكراه ولا رغبة فى دنيا وصل الأمر فى عهد بعض الخلفاء الأمويين أن كره عمالهم دخول الناس فى دين الإسلام لما رأوا أنه ينقص من مبالغ الجزية وكان فى حال أولئك العمال صد عن سبيل الدين لا محالة عرف خلفاء المسلمين وملوكهم فى كل زمن ما لبعض أهل الكتاب بل وغيرهم من المهارة فى كثر من الأعمال فاستخدموهم وصعدوا بهم إلى أعلى المناصب حتى كان منهم من تولى قيادة الجيش فى اسبانيا اشتهرت حرية الأديان فى بلاد الإسلام حتى هجر اليهود أوربا فرارا منها بدينهم إلى بلاد الأندلس وغيرها .
هذا ما كان من أمر المسلمين فى معاملتهم لمن أظلوهم بسيوفهم لم يفعلوا شيئا سوى أنهم حملوا إلى أولئك الأقوام كتاب الله وشريعته وألقوا بذلك بين أيديهم وتركوا الخيار لهم فى القبول وعدمه ولم يقوموا بينهم بدعوة ولم يستعملوا لإكراههم عليه شيئا من القوة وما كان من الجزية لم يكون مما يثقل أداؤه على من ضربت عليه فما الذى أقبل بأهل الأديان المختلفة على الإسلام وأقنعهم أنه الحق دون ما كان لديهم حتى دخلوا فيه أفواجا وبذلوا فى خدمته مالم يبذله العرب أنفسهم .
ظهور الإسلام على ما كان فى جزيرة العرب من ضروب العبادات الوثنية وتغلبه على ماكان فيها من رذائل الاخلاق وقبائح الأعمال وسيره بسكانها على