إليه ولا يرفع ثقته بما آتاه الله من القوة يجمعون كلمة الخلق على إله واحد لا فرقة معه ويخلون السبيل بينهم وبينه وحده وينهضون نفوسهم إلى التعلق به فى جميع الأعمال والمعاملات ويذكرونهم بعظمته بفرض ضروب من العبادات فيما اختلف من الأوقات تذكرة لمن ينسى وتزكية مستمرة لمن يخشى تقوى ما ضعف منهم وتزيد المستيقن يقينا .
يبينون للناس ما اختلفت عليه عقولهم وشهواتهم وتنازعته مصالحهم ولذاتهم فيفصلون فى تلك المخاصمات بأمر الله الصادع ويؤيدون بما يبلغون عنه ما تقوم به المصالح العامة ولا تفوت به المنافع الخاصة يعودون بالناس إلى الألفة ويكشفون لهم سر المحبة ويستلفتونهم إلى أن فيها انتظام شمل الجماعة ويفرضون عليهم مجاهدة أنفسهم ليستوطنوها قلوبهم ويشعروها أفئدتهم يعلمونهم لذلك أن يرعى كل حق الآخر وإن كان لا يغفل حقه وأن لا يتجاوز فى الطلب حده وأن يعين قويهم ضعيفهم ويمد غنيهم فقيرهم ويهدى راشدهم ضالهم ويعلم عالمهم جاهلهم .
يضعون لهم بأمر الله حدودا عامة يسهل عليهم أن يردوا إليها أعمالهم كاحترام الدماء البشرية إلا بحق مع بيان الحق الذى تهدر له وحظر تناول شىء مما كسبه الغير إلا بحق مع بيان الحق الذى يبيح تناوله واحترام الأعراض مع بيان يباح وما يحرم من الابضاع ويشرعون لهم مع ذلك أن يقوموا أنفسهم بالملكات الفاضلة كالصدق والأمانة والوفاء بالعقود والمحافظة على العهود والرحمة بالضعفاء والاقدام على نصيحة الاقوياء والاعتراف لكل مخلوق بحقه بلا استثناء يحملونهم على تحويل أهوائهم عن اللذائذ الفانية إلى طلب الرغائب السامية آخذين فى ذلك كله بطرف من الترغيب والترهيب والانذار والتبشير حسبما أمرهم الله جل شأنه .
يفصلون فى جميع ذلك للناس ما يؤهلهم لرضا الله عنهم وما يعرضهم لسخطه عليهم ثم يحيطون ببانهم بنبأ الدار الآخرة وما أعد الله فيها من الثواب وحسن العقبى لمن وقف عند حدوده وأخذ بأوامره وتجنب الوقوع فى محاظيره