مشاعرهم بتفصيله اللاصق علمه بأعماق ضمائرهم فى إجماله ويدخل فى ذلك جميع الأحكام المتعلقة بكليات الأعمال ظاهره وباطنه ثم يؤيدهم بما لا تبلغه قوى البشر من الأيات حتى تقوم بهم الحجة ويتم الاقناع بصدق الرسالة فيكونون بذلك رسلا من لدنه إلى خلقه مبشرين ومنذرين .
لا ريب أن الذى أحسن كل شىء خلقه وأبدع فى كل كائن صنعه وجاد على كل حى بما إليه حاجته ولم يحرم من رحمته حقيرا ولا جليلا من خلقه يكون من رأفته بالنوع الذى أجاد صنعه وأقام له من قبول العلم ما يقوم مقام المواهب التى اختص بها غيره أن ينقذه من حيرته ويخلصه من التخبط فى أهم حياتيه والضلال فى أفضل حاليه .
يقول قائل ولم لم يودع فى الغرائز ما تحتاج إليه من العلم ولم يضع فيها الانقياد إلى العمل وسلوك الطريق المؤدية إلى الغاية فى الحياة الآخرة وما هذا النحو من عجائب الرحمة فى الهداية والتعليم وهو قول يصدر عن شطط العقل والغفلة عن موضوع البحث وهو النوع الإنسانى ذلك النوع على ما به وما دخل فى تقديم جوهره من الروح المفكر وما اقتضاه ذلك من الاختلاف فى مراتب الاستعداد باختلاف أفراده وأن لا يكون كل فرد منه مستعدا لكل حال بطبعه وأن يكون وضع وجوده على عماد البحث والاستدلال فلو ألهم حاجاته كما تلهم الحيوانات لم يكن هو ذلك النوع بل كان إما حيوانا آخر كالنحل والنمل أو ملكا من الملائكة ليس من سكان هذه الأرض .
المسلك الثانى فى بيان الحاجة إلى الرسالة يأخذ من طبيعة الإنسان نفسه أرتنا الأيام غابرها وحاضرها أن من الناس من يختزل نفسه من جماعة البشر وينقطع إلى بعض الغايات أو إلى رؤوس الجبال ويستأنس إلى الوحش ويعيش عيش الأوابد من الحيوان يتغذى بالأعشاب وجذور النبات ويأوى إلى الكهوف والمغاور ويتقى بعض العوادى عليه بالصخور والأشجار ويكتفى من الثياب بما يخصف من ورق الشجر أو جلود الهالك من حيوان البر ولا يزال كذلك حتى