[ 48 ] عصمته لكان ما أحوج إليه حاصلا فيه، فلا مزية له مع ذلك على غيره. بل يكون حكمه في الاحتجاج حكم الغير، فإن تسلسل إلى غير نهاية كان محالا، وإن انتهى إلى معصوم مميز بذلك كان هو المراد، ولانه لو جاز عليه ما ينافي العصمة، لحق بكل من جاز عليه الخطأ في دخوله تحت الذم والحد والتعزير وغيره مما يتنزه بعض رعيته عنه، فكيف يصح وقوع ما يوجب ذلك منه؟ وإذا ثبتت عصمته فلابد من كونه أفضل الرعية باطنا، أي أكثرهم ثوابا وأعلى منزلة عند الله، لانه معصوم مستحق من المدح والتعظيم مطلقهما، فلولا تميزه بهذه الفضيلة، لم يثبت له ذلك، ولا كان بين المعصوم وغيره ممن ليس كذلك فرق، ولا بين ثبوتها ونفيها أيضا فرق. وقد تحقق الفرق بما لا خفاء فيه وظاهرا أي في كل ما هو رئيس فيه، لانه متقدم على جميع الامة، مفروض الطاعة عليهم. وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه معلوم يقتضيه عقل كل عاقل، لاقتضاء العقول، وشهادتها أنه لا وجه لقبحه سوى كونه كذلك، وطاعة من يقبح تقدمه في ما بمثله ثبوت الطاعة قبيحة. ومن لا تجب طاعته لا تثبت إمامته، فتقدير كونه مفضولا أو تجويزه، مناف لكونه إماما، ولان ثبوت فضيلته باطنا يقتضي ثبوتها له ظاهرا، إذا التفرقة بينهما أو إثبات إحداهما دون الاخرى لا وجه له. وأعلم بالتدبير والسياسة، لتوليه ذلك ولزوم كون المتولي عالما بما تولاه، وإلا لم تثبت ولايته. وبجميع أحكام الشريعة، لفتواه وحكمه بها، والحاكم المفتي إن لم يكن أعلم بالاحكام والفتاوى من المستفتي والمحكوم له أو عليه، لم يكن ________________________________________