[ 49 ] لكونه كذلك وجه، وكان تقدمه على من هو أعلم منه بالحكم والفتوى قبيحا، ولا ثبوت لإمامته معه، فوجب تميزه بما لا يتم كونه إماما إلا به. وأكرم، لانه قائم بضبط الحقوق المالية، ووضعها في مواضعها. وأشجع، إن كان إليه جوار (1)، لانه فتيه (2) فيه ويختص بتدبيره وتوليه. وأزهد وأعبد، لانه قدوة فيهما والداعي إليهما. وبثبوت عصمته ثبوت هذه الصفات له، إذ هي أصل صفات الكمال والكاشف عنها لتعيينه وتمييز شخصه (3) أما المعجز المطابق لادعائه أو نص صادق يخصه، لان اختصاصه بها مما لا يشاهد، بل مما لا يحيط به علما إلا علام الغيوب سبحانه، لكونه أمرا باطنا لا سبيل إلى العلم به والقطع عليه إلا بما يكشف عنه، وليس إلا ما أشرنا إليه، فلو لم يكن منصوصا عليه بالامامة أو مختصا بمعجز يصدق إدعاه بها تعذر تعيينه، ولم يكن لاحد ممن كلف ذلك طريق إليه، وما تكليف ما لا طريق إلى العلم بل في التعذر إلا كتكليف مالا قدرة عليه. وكلما لا تمم إزاحة علة المكلف في تكليفه إلا به، فهو واجب لوجوب إزاحتها. وقد بطل بثبوت كون النص أو المعجز طريقي تعيين الامام ما يعدى من الاختيار. ويبطله زائدا أنه لو ساغ في الامامة لساغ في النبوة وفي الامور الدينية، ولانه إن خص قوما دون قوم فلا وجه له لكونه تخصيصا لا بمخصص وترجيحا لا بمرجح، وإن عم جميع الامة أو سائر علمائها وأهل الرأي والمشورة منها، فلا خفاء في تعذره واستحالته، ولو كان ممكنا لم يثبت، ولا اتفق لاحد ممن ادعيت ________________________________________ 1 و 2 - كذا في النسخ التي بأيدينا. 3 - في " أ ": وتميز شخصه. ________________________________________