[ 598 ] وأما السنة فيحتاج أن يعرف منها شيئا: المتواتر والأحاد - ليعمل بالمتواتر دون الاحاد - والخاص والعام والناسخ والمنسوخ لما تقدم في نص القرآن، ولما كان في السنة مجمل ومفسر ومطلق ومقيد - كما في الكتاب - احتاج إلى أن يعرف جميع ذلك لما تقدم ذكره. ويعرف الاجماع والاختلاف، لأن الاجماع حجة لئلا يقضي بخلافه ويعرف الاختلاف ليعلم هل هو موافق لبعض الفقهاء أم لا؟ وهذا عندنا يضعف إدخاله في هذا الموضع، والمعول على ما تقدم: وأما لسان العرب فيحتاج إلى معرفته، لأن صاحب الشرع عليه وآله السلام خاطبنا به. وقد ذكر أنه لا يلزمه أن يكون عارفا بجميع الكتاب، بل يكفي في ذلك معرفته بالايات المحكمة وذكر: إن جميع ذلك خمس مأة آية وذلك يمكن معرفته. والسنة تكفى أن يتعلق بالأحكام من سننه دون آثاره وأخباره، فإن جميع ذلك لا يحيط به أحد علما، وما قبلها مدون في الكتب في أحاديث مخصوصة. وأما الخلاف، فهو متداول بين الفقهاء يعرفه أصاغرهم. وأما لغة العرب، فيكفي أن يعرف شيئا ذكرناه دون أن يكون عارفا بجميع اللغات وهذه الجمل الأخيرة غير بعيدة من الصواب، بل الظاهر أن القاضي إذا كان علمها كانت كافية له فيما هو عليه. وأما كونه عدلا ثقة فلابد منه، لأنه إن كان فاسقا لم ينعقد له القضاء بالاجماع إلا خلاف الاصم (1) لأنه أجاز أن يكون فاسقا وخلافه غير مؤثر في الاجماع. وأما كونه كاملا، والمراد به كامل الخلقة والأحكام. أما كامل الخلقة، أن يكون بصيرا، لأنه إن كان أعمى لا ينعقد له القضاء، لأنه يحتاج إلى معرفة المقر من المنكر، والمدعي من المدعى عليه، وما يكتبه كاتبه بين ________________________________________ (1) مرت ترجمته ص 503 ________________________________________