[ 89 ] من النهار بلدا لا فيلة ورأى أفيلة 1) وخرج منها وطالت مدته لا يجوز أن ينسى ذلك ولا يذكره مع شدة تذكره. على أن هذا المذهب يؤدي إلى قبح التكليف الذي لم يتقدمه تكليف آخر لا بد أن يكون فيه مشقة والا لم يصح التكليف، فبأي شئ استحقت تلك المشقة فلا بد من المناقضة أو القول بتكليفات لا نهاية لها، وكل ذلك باطل. فأما الكلام في العوض فأول ما نقول: ان العوض هو النفع [ المستحق ] 2) الخالي من تعظيم وتبجيل. فبكونه نفعا يتميز مما ليس بنفع، وبكونه مستحقا يتميز من التفضل وبخلوه من تعظيم وتبجيل يتميز من الثواب. فإذا ثبت ذلك فكل ألم يفعله الله تعالى أو يفعل بأمره كالهدايا والاضاحي وغير ذلك أو فعل باباحة كاباحة ذبح البهائم فان عوض ذلك أجمع على الله تعالى، لانه لو لم يكن فيه عوض لكان ظلما وذلك لا يجوز عليه تعالى، ولو كان على المؤلم منا لما حسن الالم، لان ما في مقابلته من الانتصاف لا يحسن الالم وانما تحسنه المنافع العظيمة الموفية عليه، وفي علمنا بحسن ذلك أجمع دليل على أن عوضه عليه، وما يفعله الله تعالى من الالام ويأمر به وجوبا أو ندبا فلابد فيه من العوض، والاعتبار على ما بيناه. فأما ما يبيحه فوجه حسنه أنه لطف لغير الذابح، لان الواحد منا لا يجب عليه لطف الغير على ما بيناه، فإذا كان في ذلك لطف لغير الذابح فان علم الله ________________________________________ 1) كذا في ج وفى ر " بلدا لا قبله ورأى البلد وخرج منها ". 2) الزيادة ليست في ر. ________________________________________