[ 88 ] وذلك يبطل قول الفريقين على كل حال. ويبطل قول البكرية أيضا ما نعلمه ضرورة انا كنا نتألم في حال الطفولة بالامراض والجراحات والدماميل التي لا يقدر عليها غير الله تعالى، فمن دفع ذلك كان مكابرا. وأيضا فانا نعلم أن البهيمة تجوع وتعطش فتتألم بذلك، وذلك من فعل الله تعالى. على أن ما نعلمه ضرورة من هرب البهيمة من الالام والضرب، يبطل قول من قال انهم لا يألمون. ومما يبطل مذهب التناسخية أن من شرط ما نفعل من الالام المستحقة أن يقارنها استخفاف واهانة، ومعلوم قبح ذلك بالبهائم والاطفال، ومن استحسن ذلك كان جاهلا مكابرا للعقول. وأيضا فالانبياء تألم بالالام، ولا يجوز أن يكونوا مستحقين للعقاب لا قبل النبوة ولا بعدها، لقيام الدليل على عصمتهم. وأيضا فلو كان ذلك مستحقا لوجب أن يذكر تلك الاحوال مع التذكر الشديد وانهم عصوا فيها، لان العاقل لا يجوز أن ينسى مثل ذلك مع قوة التذكر، وان نسي بعضه فلا يجوز أن ينسى جميعه، ولو جاز أن ينسى بعض العقلاء ذلك لم يجز أن ينساه جميعهم، ولو جاز أن ينسى كذلك لجاز أن ينسى أحدنا انه ولي ولاية في بلد بعينه سنين كثيرة وكثر فيه أعوانه وأتباعه ورزق فيه أولادا لكنه نسي، وذلك تجاهل وطول المدة كقصرها، ولهذا نقول: ان أهل الجنة لا بد أن يذكروا أحوال الدنيا أو أكثرها، وما يتخلل بين ذلك من زوال العقل ليس بأكثر مما يتخلل بين ذلك بالنوم المزيل للعقل وأنواع الامراض المزيلة للعقل، والزمان الطويل في هذا الباب كالزمان القصير. وليس لهم أن يقولوا كان زمان التكليف يسيرا. ألا ترى أن من دخل ساعة ________________________________________