[ 86 ] وأيضا كان يجب أن يحسن أن يقصد ايلامه ولا يقصد دفعه، كما يجوز ان [ يقصد ذبح البهيمة، وقد علمنا أنه لا يحسن أن ] 1) يقصده. وانما قلنا ان الالم يقبح لكونه عبثا، لان العبث ما لا غرض فيه أو لا غرض مثله فيه، والالم يكون عبثا إذا فعل لنفع يمكن الوصول إليه من دون الالم ولا غرض له فيه زائدا على ذلك بدل على قبح ذلك انا نعلم أنه يقبح من أحدنا أن يواطئ غيره ويوافقه على أن يضربه لعوض يدفعه إليه يرضى بمثله في تحمل ذلك الضرب، لانه بالعوض خرج من كونه ظلما، وانما قبح لانه لا غرض فيه حكمي. وأما الالم إذا كان فيه مفسدة فمعلوم قبحه ضرورة لا شبهة فيه، ولا يجوز أن يكون الالم قبيحا لكونه ألما على ما قالت الثنوية، لما بيناه من أن ههنا آلاما حسنة للنفع ولدفع الضرر والاستحقاق، فبطل قولهم. ولا يجوز أن يقبح الالم لكونه ضررا، لانه لو كان كذلك لقبح العقاب لان فيه ضررا لقبح العقاب، وقد علمنا حسنه لكونه مستحقا. ومن قال العقاب ليس بضرر كان مكابرا. والالم إذا كان فيه نفع يوفى عليه أو دفع ضرر أعظم منه لا يكون ضررا، ومن قال انه ضرر فقد أخطأ، لانه يلزم أن يكون من خدش جلد غيره باخراجه من العرق وتخليصه من الهلاك أن يكون مضرا به، وهذا معلوم خلافه. ولو كان العقاب لا يسمى ضررا لما جاز أن يقال في الله تعالى انه ضار، وأجمع المسلمون على اطلاق ذلك، والقديم تعالى لا يحسن أن يفعل الالم الا للنفع أو الاستحقاق لا غير، فأما لدفع الضرر فلا يجوز. والظن لا يجوز عليه لانه عالم لنفسه. وانما قلنا ذلك لان من شرط حسن الالم لدفع الضرر أن يكون ذلك الضرر ________________________________________ 1) الزيادة من ج. ________________________________________