[ 72 ] غير ممكن لان التكليف هو الارادة على بعض الوجوه وما علم انه لا يكون لا يصح أن يراد. فقوله باطل، لان الارادة تتعلق بما يصح حدوثه في نفسه سواء علم يحدث أو لا يحدث. ألا ترى أن الواحد منا يصح أن يريد من جميع الكفار الايمان وان علم أن جميعهم لا يؤمن. وأيضا فان النبي عليه السلام كان يريد من ابي لهب الايمان وان كان الله تعالى أعلمه أنه لا يؤمن. وأيضا فقد يريد الواحد منا من الغير تناول طعامه وان غلب في ظنه أنه لا يتناوله. وما يستحيل مع العلم يستحيل مع الظن على حد واحد، والمعلوم أن ذلك لا يستحيل مع الظن، فيجب ان لا يستحيل مع العلم. فأما من قال ان ذلك ممكن غير انه لا يحسن، فالذي يدل على بطلان قوله ما قدمناه من أن التكليف تعريض لنفع لا ينال الا به، والتعريض للشئ في حكم ايصاله وان كل من حسن منه التوصل إلى امر من الامور حسن من غيره تعريضه له إذا انتفت عنه وجوه القبح، وعكسه كل شئ يقبح لنا التعرض له يقبح من غيرنا تعريضنا له أيضا، ونحن نعلم انه يحسن من الواحد منا التعرض للثواب والتوصل إليه بفعل ما يستحق به ذلك، فيجب أن يحسن منه تعالى تعريضه له. فإذا حسن منا أن يتعرض لمنافع منقطعة من أرباح التجارات بتكليف المشاق والاسفار وحسن من غيرنا أن يعرضنا لها فيجب أن يحسن التعرض للمنافع الدائمة والتعريض لها. والكافر انما استضر في ذلك بفعل نفسه وسوء اختياره، لانه أقدم على ما يستحق به العقاب وقد نهاه الله وحذره وتوعده عليه ورغبه في خلافه، فهو الذي ضر نفسه دون الذي كلفه، بل مكلفه نفعه بغاية النفع، من حيث عرضه ________________________________________