[ 44 ] فصل (في أنه تعالى واحد لا ثانى له في القدم) لو كان مع الله تعالى قديم ثان لوجب أن يكون مشاركا له في جميع صفاته، لمشاركته له في القدم التي هي صفة ذاته التي باين بها جميع الموجودات لان جميع أوصافه - من كونه عالما وقادرا وحيا وموجودا ومريدا وكارها ومدركا - [ يشاركه غيره من المحدثات قديما ولا يشاركه في القدم، فبان أنه يكون قديما ] 1) يخالف المحدثات. والشئ انما يخالف غيره بصفته الذاتية وبها يتماثل ما تماثله، كما أن ما شارك السواد في كونه سوادا ويخالف غير السواد من أن السواد يخالف البياض 2) والحموضة وغيرهما أيضا بكونه سوادا [ ويشارك سوادا آخر بكونه سوادا ] 3)، فعلم بذلك أن الاشتراك في صفة الذات يوجب التماثل، وكان يجب من ذلك مشاركة القديمين في كونهما قادرين عالمين حيين وفي جميع صفاتهما. ثم لا يخلو أن يكون مقدورهما واحدا أو متغايرا، فان كان واحدا جاز أن يدعو أحدهما الداعي إلى ايجاد مقدوره والثاني يصرفه عن ايجاده، فيؤدي ذلك إلى وجوب وجوده، لدعاء من دعاه الداعي إلى ايجاده ووجوب انتفائه لصارف من صرفه عن ايجاده، وذلك محال. فان كان مقدورهما متغايرا لم يمتنع أن يدعو أحدهما الداعي إلى ايجاد ________________________________________ 1) الزيادة ليست في ر. 2) في ج " ويخالف السواد من البياض ". 3) الزيادة من ر. ________________________________________