[ 45 ] فعل ويدعو الثاني بصرفه عن ايجاده ووجوب صارف صرفه عن ايجاده، وذلك محال. [ وان كان مقدورهما متغايرا لم يمتنع أن يدعو أحدهما الداعي إلى ايجاد فعل ويدعو الاخر إلى ايجاد ضده ] 1). ثم لا يخلو أن يوجدا أو لا يوجدا أو يوجد أحدهما، فان وجدا أدى إلى اجتماع الضدين وذلك محال، وان لم يوجدا أدى إلى ارتفاع الفعل عنهما لا لوجه منع معقول، وان وقع أحدهما أدى إلى ارتفاع الفعل عن أحدهما لا لمنع معقول. لانه لا يمكن أن يقال أن أحدهما أكبر مقدورا، لان كل واحد منهما يجب أن يكون مقدوراته غير متناهية. فإذا ثبت ذلك بطل اثبات قديمين، وإذا بطل وجود قديمين بطل قول الثنوية القائلين بالنور والظلمة، وبطل قول المجوس القائلين بالله والشيطان وبطل قول النصارى القائلين بالتثليث. على أن قول الثنوية يبطل من حيث دللنا على حدوث الاجسام، والنور والظلمة جسمان، ولانهما أثبتوهما من حيث اعتقدوا أن الخير يضاد الشر، ولا يجوز أن يصدرا من فاعل واحد. وذلك باطل، من حيث ان الخير من جنس الشر، لان أخذ مال الغير غصبا هو ظلم وشر وأخذه قضاءا لدين حسن وعدل وهما من جنس واحد، ولطمة اليتيم ظلما شر ولطمته تأديبا حسن، ولو كانا ضدين لجاز أن يصدرا من فاعل واحد، لان القادر يقدر على الشئ وعلى جنس ضده، وهذا بعينه هو شبهة المجوس، والكلام عليهم واحد. على أن قولهم أجمع يبطل المدح والذم، لان المطبوع لا يستحق مدحا ولا ذما، كالنار في الاحراق والثلج في التبريد. ويؤدي إلى قبح الاعتذار لان الاعتذار حسن لا يقع عندهم من الظلمة وما يعتذر منه قبيح لا يقع عندهم ________________________________________ 1) الزيادة ليست في ر. ________________________________________