[ 42 ] وبمثل ذلك بعينه يعلم انه لا يدرك بشئ من الحواس الباقية، فلا وجه للتطويل بذكره. والحاسة السادسة غير معقولة، ولو كانت معقولة لكان حكمها حكم هذه الحواس مع اختلافها واتفاقها في هذا الحكم. وأيضا قوله تعالى " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " 1) دليل على استحالة رؤيته، لانه تمدح بنفي الادراك عن نفسه، وكل تمدح تعلق بنفي فاثباته لا يكون الا نقصا، كقوله " لا تأخذه سنة ولا نوم " 2) وقوله تعالى " ما اتخذ الله من ولد " 3) وقوله تعالى " ولم تكن له صاحبة ولا ولدا " 4) وقوله تعالى " لا يظلم الناس شيئا " 5) وغير ذلك مما تعلق المدح بالنفي، فكان اثباته نقصا. والاية فيها مدح بلا خلاف وان اختلفوا في جهة المدح، والادراك في الاية بمعنى الرؤية، لانه نفى عن نفسه ما أثبته لنفسه بقوله " وهو يدرك الابصار " 6) وقوله " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة " 7) لا يعارض هذه الاية، لان النظر المذكور في الاية معناه الانتظار، فكأنه قال: لثواب ربها منتظرة. ومثله قوله " واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة " 8) أي منتظرة. وليس النظر بمعنى الرؤية في شئ من كلام العرب، ألا ترى انهم يقولون ________________________________________ 1) سورة الانعام: 103. 2) سورة البقرة: 255. 3) سورة المؤمنون: 91. 4) سورة الانعام: 101. 5) سورة يونس: 44. 6) سورة الانعام: 103. 7) سورة القيامة: 22 23. 8) سورة النمل: 35. ________________________________________