[ 41 ] في الفعل ما يدل على أنه في جهة لا بنفسه ولا بواسطة، وقد بينا أنه لا يجوز وصفه بما يدل عليه الفعل لا بنفسه ولا بواسطة. ولا يجوز عليه تعالى الحاجة، لان الحاجة لا تجوز الا على من يجوز عليه المنافع والمضار، والمنافع والمضار لا يجوزان الا على من تجوز عليه الشهوة والنفار، وهما يستحيلان عليه تعالى. والذي يدل على أنه يستحيل عليه الشهوة والنفار أنه ليس في الفعل لا بنفسه ولا بواسطة ما يدل على كونه مشتهيا ونافرا وقد بينا أنه لا يجوز اثباته على صفة لا يقتضيها الفعل لا بنفسه ولا بواسطة. وأيضا فالشهوة والنفار لا يجوزان الا على الاجسام، لان الشهوة تجوز على من إذا ادرك المشتهي صلح عليه جسمه [ وإذا أدرك ما ينفر عنه فسد عليه جسمه ] 1)، وهما يقتضيان كون من وجدا فيه جسما، وقد بينا أنه ليس بجسم فيجب إذا نفي الشهوة والنفار عنه. وإذا انتفيا عنه انتفت عنه المنافع والمضار، وإذا انتفيا عنه انتفت عنه الحاجة ووجب كونه غنيا، لان الغني هو الحي الذي ليس بمحتاج. ولا يجوز عليه تعالى الرؤية بالبصر، لان من شرط صحة الرؤية أن يكون المرئي نفسه أو محله مقابلا للرائي بحاسة أو في حكم المقابل، والمقابلة يستحيل عليه لانه ليس بجسم، ومقابلة محله أيضا يستحيل عليه لانه ليس بعرض على ما بيناه. ولانه لو كان مرئيا لرأيناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة ووجوده، لان المرئي إذا وجد وارتفعت الموانع المعقولة وجب أن نراه، وانما لا نراه اما لبعد مفرط أو قرب مفرط أو لحائل بيننا وبينه أو للطافة أو صغر، وكل ذلك لا يجوز عليه تعالى لانه من صفات الاجسام والجواهر. ________________________________________ 1) الزيادة ليست في ر. ________________________________________