( 51 ) قال صاحب الفصول: فالتحقيق أنه لا تعويل على الفتاوى المذكورة فيه، نعم ما فيه من الروايات فهي حينئذٍ بحكم الروايات المرسلة لا يجوز التعويل على شيء ممّا اشتمل عليه إلاّ بعد الإنجبار بما يصلح جابراً لها، ولو استظهرنا اعتماد مثل المفيد والصدوقين عليه في جملة من مواضعه ، فذلك لا يفيد حجيته في حقنا، لأنه مبني على نظرهم واجتهادهم، وليس وظيفتنا في مثل ذلك اتباعهم، وإلا لكانت الأخبار الضعيفة التي عولوا عليها حجة في حقنا، فإن ظننا بتعويلهم على جملة من روايات كتاب إذا أفاد حجية مجموع الكتاب في حقنا، لكان علمنا بتعويلهم على رواية معينة مفيداً لحجيتها في حقنا بطريق أولى (1). نعم الكلام في حجيته يختلف باختلاف المذاهب والمسالك والآراء في الحجة من الأخبار الآحاد. فإن منهم من يقول باختصاص الحجيّة بالمسانيد من الأخبار، من الصحاح أو مع الحسان أو الموثقات، ولا شك أن ذلك ليس منها، لعدم ثبوت الكتاب من الإمام من جهة العلم واليقين، ولا بالنقل المتصل من الثقات المحدثين. ومنهم من يقول باختصاص الحجية بأخبار الكتب الأربعة الدائرة، وهذا أيضاً كسابقه. ومنهم من يقول بحجية كل خبر مظنون الصدق أو الصدور، وهو بعبارة أخرى كل خبر مفيد للظن، واللازم على ذلك ملاحظة ما نقناه من الشواهد والأمارات، فان حصل له منها الظن فليقل بحجيته، وإلاّ فلا. ومنهم من يقول بحجية كل خبر غير معلوم الكذب أو غير مظنونه، ولا شك أن هذا الكتاب منه، فيكون حجة معمولاً به عنده، والله أعلم بحقيقة الحال (2). اختلف ـ القائلون بجواز التعبد بخبر الواحد عقلاً ـ في وقوعه شرعاً، فذهب السيد المرتضى وجماعة من قدماء أصحابنا، إلى عدم وقوع التعبد به، وصار الأكثرون إلى وقوع التعبد به وهو الحق (3). ____________ (1) الفصول: ص313. (2) عوائد الايام: 253. (3) الفصول: 272.