( 52 ) ولا زال عمل الشيعة من أزمنة الأئمة (عليهم السلام) على الأخبار المأثورة بتوسط من يوثق به من الرواة، أو مع قيام القرينة الباعثة على الإعتماد عليها والظن بصدقها، وإن كان راويها مخالفاً لأهل الحق، كالسكوني وأضرابه، حسبما شاهده من طريقتهم، ويؤيده حكاية الشيخ اتفاق العصابة على العمل بأخبار جماعة هذا شأنهم، كالسكوني وابن الدراج والطاطرين وبني فضال وأضرابهم، ويشير إليهم الإجماع المحكي عن الجماعة المخصوصين، وفيهم فاسد العقيدة. ومن البيّن أن الصحيح في اصطلاح القدماء ـ وهو المعول به عندهم ـ وقد ذكر الصدوق أن كل ما صححه شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد فهو صحيح، وظاهر في العادة أن مجرد تصححه لا يقتضي القطع بصدق الرواية، فلا يزيد على حصول الاعتماد عليها من أجله (1). ما المانع من قبول ذلك باعتباره خبر الواحد والتمسك به؟ وهل انه حجة أم لا؟ أليس المروي في مرفوعة زرارة كما في عوالي اللآلي عن العلامة: يا زرارة خذ بما اشتهر بين الأصحاب ودع الشاذ النادر، وقول مولانا الصادق (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة، المروية في كتب المشائخ الثلاثة: ينظران إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فان المجمع عليه لا ريب فيه (2). إن الاعتماد على الخبر الضعيف ليس بمعول عند الأصحاب، ولا يجوز الاعتماد عليه في الشريعة، وان الاصحاب لم يكونوا ليتأملوا في عدم حجيته، فكيف يتجه القول بأنه مورد السؤال؟ ألم يُبعّد البرقي في عهد أحمد بن محمد بن عيسى من قم لروايته عن الضعفاء لا لسبب آخر؟ وعلى هذا فما المانع من أن يكون الهدف هو ترويج الكتاب؟ فلو علم الناس أنه للصدوق، اهتموا به أكثر، واعتمدوا عليه، وأكبوا على مطالعته، فهو من ترويج الحق بطريق الحكمة. ____________ (1) هداية المسترشدين ص: 400، بحث حجية الخبر الواحد. (2) رسالة الخوانساري: 35.