[14] على إتيان أحدهما (وهو صرف اللحوم) لم يسقط الآخر، وهو إراقة الدم في منى. قلنا: ظاهر الأمر في الآية الشريفة هو وحدة المطلوب، لأنّ تعدّد المطلوب يحتاج إلى قرينة، وهي مفقودة في المقام، بل القرينة قائمة على خلافه; لظاهر التفريع بالفاء. وبالجملة: على مدّعي التعدّد تقديم القرينة; مضافاً إلى ما سيأتي من عدم سبق إراقة الدم بدون صرف اللحوم في عصر نزول القرآن وأعصار المعصومين (عليهم السلام) حتى يدّعى التعدّد، فإنّ تعدّد المطلوب يرجع إلى نوع من الإطلاق وشمول الدليل، والإطلاق بالنسبة إلى مصداق، فرع وجود ذلك المصداق كما أشرنا إليه سابقاً. مقتضى صناعة الفقه إن قيل: لازم وحدة المطلوب سقوط الهدي مطلقاً، فإنّ المطلوب الواحد ينتفي بانتفاء قيده، وهو في المقام وقوع الهدي في منى أوّلا، وصرفه في الفقراء ثانياً، فانتفاء الأوّل بانتقال المذبح إلى خارج منى، وانتفاء الثاني بإعدام اللحوم بالدفن أو الحرق، يوجبان انتفاء أصل الهدي وسقوطه عن الوجوب. قلنا: هذا وإن كان محتملا بحسب صناعة الفقه، ولكنّه مخالف للاحتياط قطعاً، خصوصاً بعد ملاحظة عدم إسقاط الشارع المقدّس الهدي في مورد من الموارد، حتى بالنسبة إلى من لم يجد ثمن الهدي، فأوجب عليه بدل الهدي الصيام ثلاثة أيام متوالية في الحج وسبعة بعد الرجوع إلى أهله. وفيما نحن فيه حيث إنّه واجد لثمن الهدي، ودليل الصيام مختص بمن لم يجد، فلا أقلّ من أنّ مقتضى الاحتياط إتيان الهدي في محلّ آخر كما مرّ، لا سيّما أنّ الهدي قد يقع في مكان آخر غير منى وفي أيّام اُخرى كما في المصدود، وهو المنصوص كما سيأتي الكلام فيه إن شاء الله، فهنا لا ينتفي المقيّد إذا انتفى القيد.