[15] وبعبارة اُخرى: لعلّ عدم سقوط الهدي في جميع الموارد يمكن أن يكون دليلا على أنّه إذا لم يمكن الهدي في منى وجب إتيانه في محلّ آخر إلاّ إذا لم يكن واجداً للثمن، فيأتي ببدله وهو الصيام. إن قيل: إتيان الهدي بالقيدين المذكورين (وقوع الذبح في منى وصرف لحوم الهدي) معاً متعذّر غالباً في الظروف الحالية، فلابدّ من ترك أحدهما والإتيان بالآخر، فإمّا أن يأتي بالهدي في منى مع عدم صرف لحومها، أو يترك الهدي في منى ويأتي به في خارجه، مع صرف اللحوم في مصارفها وترجيح أحد القيدين على الآخر محتاج إلى دليل، ولا دليل على تقديم الصورة الثانية على الصورة الاولى. قلنا: أوّلا: جميع المذابح في يومنا هذا خارجة عن منى، فوقوع الذبح في منى أيضاً متعذّر، وثانياً: ليس القيدان على حدّ سواء، فإنّ صرف اللحوم في مصارفها من أركان الهدي في نظر العرف وأهل الشرع، ومن البعيد جداً أن يكون لمجرّد إراقة الدم موضوعيّة، سيّما إذا أدّى ذلك إلى الإسراف أو التبذير الحرام في رأي الشارع المقدّس، وسيأتي شرحه في المباحث اللاحقة. وحينئذ فإنّ ترجيح أحد القيدين على الآخر ـ أي إيقاع الهدي خارج منى وصرف اللحوم في مصارفها ـ ليس من قبيل الترجيح بلا مرجّح. وممّا يدلّ على ذلك (دلالةً قويّةً) ما ورد بطريقين مختلفين في أبواب الذبح عن الامام الصادق(عليه السلام) عن آبائه عن جدّهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «انّما جعل هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم»(1). وإذا تأملّت في هذه الرواية علمت أنّ الأضاحي التي تؤتى بها في الحج حالياً (ولا تصرف لإطعام الفقراء وإشباعهم) خارجة عن نطاق أوامر الشرع! ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل : الباب 60 من أبواب الذبح، ح 10 و 4.