[13] قلنا: لازم هذا الاستنباط عدم لزوم إراقة الدم، وعدم وجوب الأضحية أيضاً (لأنّها تقول: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤُها)) وهو خلاف المطلوب، فالصحيح أن يقال: إن المقصود في الآية الشريفة أنّ قيمة إراقة الدم وصرف المضحّي لحومهالنفسه ولغيره، انّما هي في ما إذا كانت الأضحية ملازمة لقصد القربة وخلوص النيّة، فهو نظير ما إذا قلنا: إنّ قيامكم أو قعودكم في الصلاة ليس بمهمّ، إنّما المهم هو إخلاص النية وقصد التقرب إلى الله تعالى. ونظير الآية المزبورة (أي قوله: (والبدن جعلناها لكم ...)) في الدلالة على لزوم الصرف وموضوعية الاستفادة من اللحوم آية اخرى من سورة الحج وهي: (وأذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ ... لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذْكُرُوا اسمَ اللهِ فِي أيَّام مَعْلُومَات عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكَلُوا مِنْها وَأطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ)(1). حيث إنّه لو سلمنا أنّ صيغة «كلوا» في هذه الآية في مقام دفع توهّم الحظر من أكل المضحيّ (ولازمه عدم دلالتها على الوجوب كما قال به الكثير من الفقهاء والمفسرين) فلا اشكال في دلالة «أطعموا» على وجوب صرف اللحوم في الفقراء، كما تدلّ عليه الروايات الواردة في أبواب الذبح أيضاً، وأنّه أمر واجب بعد الذبح مرتبط به لا ينفك عنه بحسب ظاهر الآيات، بل الذبح مقدّمة له. دفع شبهة تعدّد المطلوب إن قيل: لعلّ المسألة من قبيل تعدّد المطلوب، فكانت إراقة الدم في منى أمراً مطلوباً، وصرف اللحوم في المصارف المنصوصة مطلوباً آخر، فاذا لم يقدر المكلّف ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحج : 27 ـ 28.