(32) فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول غير محدود، وممسوح محدود على ممسوح غير محدود. فأما من ذهب إلى التخيير، وقال: أنا مخير في أن امسح الرجلين وأغسلهما؛ لان القراءاتين تدلان على الامرين كلاهما، مثل: الحسن البصري (48)، والجبائي (49)، ومحمد بن جرير الطبري(50) ، ومن وافقهم(51)، فيسقط قولهم بما قدمناه من أن القراءتين لا يصح أن تدلا إلا على المسح، وأنه لا حجة لمن ذهب إلى الغسل، واذا وجب المسح بطل التخيير. وقد احتج الخصوم لمذهبهم من طريق القياس، فقالوا: إن الارجل عضو يجب فيه الدية، اُمرنا بإيصال الماء إليه، فوجب أن يكون مغسولاً كاليدين. وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد؛ لان الرأس عضو يجب فيه الدية، وقد اُمرنا ____________ (48) الحسن بن يسار البصري، كان إمام أهل البصرة، وهو أحد العلماء الفقهاء العظماء الشجعان النساك، ولد بالمدينة وشب في كنف الامام علي (عليه السلام)، وسكن البصرة وتوفي بها في سنة 110هـ. اُنظر: سير أعلام النبلاء 563:4، حلية الاولياء 131:2، وفيات الاعيان 69:2، تهذيب التهذيب 263:2. (49) محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، من أئمة المعتزلة وإليه نسبت الطائفة الجبائية، اشتهر في البصرة وتوفي بها في سنة 303هـ. وفيات الاعيان 267:4، الفرق بين الفرق :183، سير اعلام النبلاء 183:14، الملل والنحل 73:1، لسان الميزان 271:5. (50) محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المؤرخ والمفسر، ولد في آمل بطبرستان، واستوطن بغداد وتوفي بها في سنة 310هـ. سير أعلام النبلاء 267:14، تأريخ بغداد 162:2، وفيات الاعيان 191:4، تذكرة الحفاظ 710:2. (51) وقد وافقهم أيضاً ابن العربي والاوزاعي والثوري، وأوجب الناصر للحق من أئمة الزيدية وداود الاصفهاني الجمع بين المسح والغسل. اُنظر: المبسوط ـ للسرخسي ـ 8:1، المجموع 417:1، المغني 150:1، البحر الزخار 67:2، الفتوحات المكية 343:1، الجامع لاحكام القرآن ـ للقرطبي ـ 91:6ـ 92، أحكام القرآن ـ للجصاص ـ 345:2، تفسير الطبري 83:6، أحكام القرآن ـ لابن العربي ـ 575:2، التفسير الكبير ـ للفخر الرازي ـ 161:11، الكشف عن وجوه القراءات 406:1. وانظر: الخلاف ـ للطوسي ـ 90:1، مجمع البيان ـ للطوسي ـ 164:2.