@ 310 @ ويحتمل أن يكون أمر بأخذ أربعة ، أي أربعة كانت من غير تعيين ، إذ لا كبير علم في ذكر التعيين . .
وقد احتلفوا فيما أخذ ، فقال ابن عباس : أخذ طاووساً ونسراً وديكاً وغراباً . وقال مجاهده ، وعكرمة ، وعطاء ، وابن جريج ، وابن زيد : كذلك ، إلاَّ أنهم جعلوا حمامة بدل النسر . وقال ابن عباس أيضاً ، فيما روى عبد الرحمن بن هبيرة عنه : أخذ حمامة وكركياً وديكاً وطاووساً . وقال في رواية الضحاك : أخذ طاووساً وديكاً ودجاجة سندية وأوزة . وقال في رواية أخرى عن الضحاك : أنه مكان الدجاجة السندية : الرأل ، وهو فرخ النعام . وقال مجاهد فيما روى ليث : ديك وحمامة وبطة وطاووس . وقال : ديك وحمامة وبطة وغراب . .
وزاد عطاء الخراساني وصفاً في هذه الأربعة فقال : ديك أحمر ، وحمامة بيضاء ، وبطة خضراء ، وغراب أسود . .
وقال أبو عبد الله : طاووس وحمامة وديك وهدهد ، ولما سأل ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى ، وكان لفظ الموتى جمعاً ، أجيب بأن يأخذ ما مدلوله جمع ، لا أن يأخذ واحداً . قيل : وخص هذا العدد بعينه إشارة إلى الأركان الأربعة التي في تركيب أبدان الحيوانات والنباتات ، وكانت من الطير ، قيل لأن الطير همته الطيران في السماء والارتفاع ، والخليل عليه السلام كانت همته العلوّ والوصول إلى الملكوت ، فجعلت معجزته مشاكلة لهمته ، وعلى القول الأول في تعيين الأربعة بما عين قيل : خص الطاووس إشارة إلى شدة الشغف بالأكل وطول الأمل ، والديك إشارة إلى شدة الشغف بقضاء شهوة النكاح ، والغراب إشارة إلى شدة الحرص والطلب . وما أبدوه في تخصيص الأربعة وفي تعيينها لا تكاد تظهر حكمته فيما ذكروه ، وما أجراه الله تعالى لأنبيائه من الخوارق مختلف ، وحكمة اختصاص كل نبي بما أجرى الله له منها مغيبة عنا . ألا ترى خرق العادة لموسى في أشياء ، ولعيسى في أشياء غيرها ، ولرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ) وعليهم في أشياء لا يظهر لنا سر الحكمة في ذلك ؟ فكذلك كون هذه الأربعة من الطير ، لا يظهر لنا سر حكمته في ذلك . .
وأمره بالأخذ للطيور وهو : إمساكها بيده ليكون أثبت في المعرفة بكيفية الإحياء ، لأنه يجتمع عليه حاسة الرؤية ، وحاسة اللمس . .
والطير اسم جمع لما لا يعقل ، يجوز تذكيره وتأنيثه ، وهنا أتى مذكراً لقوله تعالى { وَخُذْ * أَرْبَعَةً مّنَ الطَّيْرِ } وجاء على الأفصح في اسم الجمع في العدد حيث فصل : بمن ، فقيل : أربعة من الطير يجوز الإضافة ، كما قال تعالى : { تِسْعَةُ رَهْطٍ } ونص بعض أصحابنا على أن الإضافة لاسم الجمع في العدد نادرة لا يقاس عليها ، ونص بعضهم على أن اسم الجمع لما لا يعقل مؤنث ، وكلا القولين غير صواب . .
{ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } أي قطعهنّ ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وابن إسحاق . وقال ابن عباس : هي بالنبطية . وقال أبو الأسود : هي بالسريانية ، وقال أبو عبيدة : قطعهنّ . وأنشد للخنساء : % ( فلو يلاقي الذي لاقيته حضن % .
لظلت الشم منه وهي تنصار .
) % .
أي تتقطع . وقال قتادة : فصلهنّ ، وعنه : مزقهنّ وفرقهنّ . وقال عطاء بن أبي رباح : اضممهنّ إليك . وقال ابن زيد : إجمعهنّ . وقال ابن عباس أيضاً ، أوثقهنّ . وقال الضحاك : شققهنّ ، بالنبطية . وقال الكسائي : أملهنّ . .
وإذا كان : فصرهنّ ، بمعنى الإمالة فتتلعق إليك به ، وإذا كان بمعنى التقطيع تعلق بخذ . .
وقرأ حمزة ، ويزيد ، وخلف ، ورويس ، بكسر الصاد ، وباقي السبعة بالضم . وهما لغتان ، كما تقدّم : صار يصور ويصير ، بمعنى أمال . وقرأ ابن عباس وقوم