@ 287 @ إعادته . .
الحي : وصف وفعله حي ، قيل : وأصله : حيو ، فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، وأدغمت في الياء ، وقيل : أصله فيعل ، فخفف كميت في ميت ، ولين في لين ، وهو وصف لمن قامت به الحياة ، وهو بالنسبة إلى الله تعالى من صفات الذات حي بحياة لم تزل ولا تزول ، وفسر هنا بالباقي ، قالوا : كما في قول لبيد : % ( فاما تريني اليوم أصبحت سالما % .
فلست بأحيا من كلاب وجعفر .
) % .
أي : فلست بأبقى ، وحكى الطبري عن قوم أنه ، يقال : حي كما وصف نفسه ، ويسلم ذلك دون أن ينظر فيه ، وحكي أيضاً عن قوم : أنه حي لا بحياة ، وهو قول المعتزلة ، ولذلك قال الزمخشري . الحي الباقي الذي لا سبيل للفناء عليه ، وهو على اصطلاح المتكلمين الذي يصح أن يعلم ويقدر . انتهى كلامه ، وعنى بالمتكلمين متكلمي مذهبه ، والكلام على وصف الله بالحياة مذكور في كتب أصول الدين . .
وقرأ الجمهور : القيوم ، على وزن فيعول ، أصله قيووم اجتمعت الياء والواو ، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياءً وأدغمت فيها الياء وقرأ ابن مسعود ، وابن عمر ، وعلقمة ، والنخعي والأعمش : القيام وقرأ علقمة أيضاً : القيم ، كما تقول : ديور وديّار وقال أمية : % ( لم تخلقِ السماءُ والنجوم % .
والشمس معها قمر يعوم .
) % % ( قدرها المهيمن القيُّوم % .
والحشر والجنة والنعيم .
) % .
إلاَّ لأمر شأنه عظيم .
ومعناه : أنه قائم على كل شيء بما يجب له ، بهذا فسره مجاهد ، والربيع ، والضحاك . وقال ابن جبير : الدائم الوجود وقال ابن عباس : الذي لا يزول ولا يحول ، وقال قتادة : القائم بتدبير خلقه . وقال الحسن : القائم على كل نفس بما كسبت . وقيل : العالم بالأمور ، من قولهم : فلان يقوم بهذا الكتاب أي : يعلم ما فيه . وقيل : هو مأخوذ من الاستقامة وقال أبو روق : الذي لا يبلى وقال الزمخشري : الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه . وهذه الأقوال تقارب بعضها بعضاً . .
وقالوا : فيعول ، من صيغ المبالغة ، وجوّزوا رفع الحي على أنه صفة للمبتدأ الذي هو : الله ، أو على أنه خبر بعد خبر ، أو على أنه بدل من : هو ، أو من : الله تعالى ، أو : على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو ، أو : على أنه مبتدأ والخبر : لا تأخذه ، وأجودها الوصف ، ويدل عليه قراءة من قرأ : الحيَّ القيومَ بالنصب ، فقطع على إضمار : أمدح ، فلو لم يكن وصفاً ما جاز فيه القطع ، ولا يقال : في هذا الوجه الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر ، لأن ذلك جائز حسن ، تقول : زيد قائم العاقل . .
{ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } يقال : وسن سنة ووسناً ، والمعنى : أنه تعالى لا يغفل عن دقيق ولا جليل ، عبر بذلك عن الغفلة لأنه سببها ، فأطلق اسم السبب على المسبب قال ابن جرير : معناه لا تحله الآفات والعاهات المذهلة عن حفظ المخلوقات ، وأقيم هذا المذكور من الآفات مقام الجميع ،