@ 286 @ شفاعة منكرو الشفاعة ، واعتقدوا أن هذا نفي لأصل الشفاعة ، وقد أثبتت الشفاعة في الآخرة مشروطة بإذن الله ورضاه ، وصح حديث الشفاعة الذين تلقته الأمّة بالقبول ، فلا التفات لمن أنكر ذلك . .
وقرأ ابن كثير ، ويعقوب ، وأبو عمرو : بفتح الثلاثة من غير تنوين ، وكذلك : { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلَالٌ } في إبراهيم و : { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } في الطور وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين ، وقد تقدّم الكلام على إعراب الاسم بعد : لا ، مبنياً على الفتح ، ومرفوعاً منوناً ، فأغنى ذلك بمن إعادته . .
والجملة من قوله : لا بيع ، في موضع الصفة ، ويحتاج إلى إضمار التقدير : ولا شفاعة فيه ، فحذف لدلالة : فيه ، الأولى عليه . .
والكافرون هم الظالمون } يعني الجائزين الحدّ ، و : هم ، يحتمل أن يكون بدلاً من : الكافرون ، وأن يكون مبتدأ ، وأن يكون فصلاً . قال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال : والكافرون ، ولم يقل : والظالمون هم الكافرون ، ولو نزل هكذا لكان قد حكم على كل ظالم ، وهو من يضع الشيء في غير موضعه ، بالكفر ، فلم يكن ليخلص من الكفر كل عاص إلاَّ من عصمه الله من العصيان . .
{ * } يعني الجائزين الحدّ ، و : هم ، يحتمل أن يكون بدلاً من : الكافرون ، وأن يكون مبتدأ ، وأن يكون فصلاً . قال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال : والكافرون ، ولم يقل : والظالمون هم الكافرون ، ولو نزل هكذا لكان قد حكم على كل ظالم ، وهو من يضع الشيء في غير موضعه ، بالكفر ، فلم يكن ليخلص من الكفر كل عاص إلاَّ من عصمه الله من العصيان . .
{ اللَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ } هذه الآية تسمى آية الكرسي لذكره فيها ، وثبت في ( صحيح مسلم ) من حديث أبيّ أنها أعظم آية ، وفي ( صحيح البخاري ) من حديث أبي هريرة : أن قارئها إذا آوى إلى فراشه لن يزال عليه من الله حافظ ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ، وورد أنها تعدل ثلث القرآن ، وورد أنا ما قرئت في دار إلاَّ اهتجرتها الشياطين ثلاثين يوماً ، ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين يوماً ، وورد أن من قرأها إذا أخذ مضجعه أمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره ، والأبيات حوله ، وورد : أن سيد الكلام القرآن ، وسيد القرآن البقرة ، وسيد البقرة آية الكرسي ، وفضلت هذا التفضيل لما اشتملت عليه من توحيد الله وتعظيمه ، وذكر صفاته العلا ، ولا مذكور أعظم من الله ، فذكره أفضل من كل ذكر . .
قال الزمخشري : وبهذا يعلم : أن أشرف العلوم وأعلاها منزلة عند الله علم العدل والتوحيد ، ولا ينفرنك عنه كثرة أعدائه ف : .
إن العرانين تلقاها محسدة .
انتهى كلامه . وأهل العدل والتوحيد الذين أشار إليهم هم المعتزلة ، سموا أنفسهم بذلك قال بعض شعرائهم من أبيات : % ( إن أنصر التوحيد والعدل في % .
كل مقام باذلاً جهدي .
) % .
وهذا الزمخشري لغلوه في محبة مذهبه يكاد أن يدخله في كل ما يتكلم به ، وإن لم يكن مكانه . .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر أنه فضل بعض الأنبياء على بعض ، وأن منهم من كلمه ، وفسر بموسى عليه السلام ، وأنه رفع بعضهم درجات ، وفسر بمحمد صلى الله عليه وسلم ) ، ونص على عيسى عليه السلام ، وتفضيل المتبوع يفهم منه تفضيل التابع ، وكانت اليهود والنصارى قد أحدثوا بعد نبيهم بدعاً في أديانهم وعقائدهم ، ونسبوا الله تعالى إلى ما لا يجوز عليه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بعث إلى الناس كافة ، فكان منهم العرب ، وكانوا قد اتخذوا من دون الله آلهة وأشركوا ، فصار جميع الناس المبعوث إليهم صلى الله عليه وسلم ) على غير استقامة في شرائعهم وعقائدهم ، وذكر تعالى أن الكافرين هم الظالمون ، وهم الواضعون الشيء غير مواضعه ، أتى بهذه الآية العظيمة الدالة على إفراد الله بالوحدانية ، والمتضمنة صفاته العلا من : الحياة ، والاستبداد بالملك ، واستحالة كونه محلاً للحوادث ، وملكه لما في السموات والأرض ، وامتناع الشفاعة عنده إلاَّ باذنه ، وسعة علمه ، وعدم إحاطة أحد بشيء من علمه إلاَّ بارادته ، وباهر ما خلق من الكرسي العظيم الاتساع ، ووصفه بالمبالغة العلو والعظيمة ، إلى سائر ما تضمنته من أسمائه الحسنى وصفاته العلا ، نبههم بها على العقيدة الصحيحة التي هي محض التوحيد ، وعلى طرح ما سواها . .
وتقدّم الكلام على لفظة : الله ، وعلى قوله : لا إله إلا هو ، فأغنى عن