@ 213 @ بمعنى اليقين ، وضعف قولهم بأن اليقين لا يعلمه إلاَّ الله ، إذ هو مغيب عنهما . .
قال الزمخشري : ومن فسر العلم هنا بالظن فقدوهم من طريق اللفظ ، والمعنى : لأنك لا تقول : علمت أن تقوم زيد ، ولكن : علمت أنه يقوم زيد ، ولأن الإنسان لا يعلم ما في الغد ، وإنم يظن ظناً . انتهى كلامه . .
وما ذكره من : أنك لا تقول علمت أن يقوم زيد ، قد قاله غيره ، قالوا : إن أن الناصبة للمضارع لا يعمل فيها فعل تحقيق ، نحو : العلم واليقين والتحقيق ، وإنما يعمل في أن المشددة ، قال أبو علي الفارسي في ( الإيضاح ) : ولو قلت علمت أن يقوم زيد ، فنصبت الفعل : بأن ، لم يجز ، لأن هذا من مواضع : أن ، لأنها مما قد ثبت واستقر ، كما أنه لا يحسن : أرجو انك تقوم ، وظاهر كلام أبي علي الفارسي مخالف لما ذكره سيبويه من أن يجوز أن تقول : ما علمت إلاَّ أن يقوم زيد ، فأعمل : علمت ، في : أن . .
قال بعض أصحابنا : ووجه الجمع بينهما أن : علمت ، قد تستعمل ويراد بها العلم القطعي ، فلا يجوز وقوع : أن ، بعدها كما ذكره الفارسي ، وقد تستعمل ويراد بها الظن القوي ، فيجوز أن يعمل في : أن ، ويدل على استعمالها ولا يراد بها العلم القطعي قوله : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } فالعلم هنا إنما يراد به الظن القوي ، لأن القطع بإيمانهنّ غير متوصل إليه وقول الشاعر : % ( وأعلم علم حق غير ظن % .
وتقوى الله من خير المعاد .
) % .
فقوله : علم حق ، يدل على أن العلم قد يكون غير علم حق ، وكذلك قوله : غير ظن ، يدل عليه أنه يقال : علمت وهو ظان ، ومما يدل على صحة ما ذكره سيبويه من أن : علمت ، قد يعمل في : أن ، إذا أريد بها غير العلم القطعي قول جرير : % ( نرضى عن الله أن الناس قد علموا % .
أن لا يدانينا من خلقه بشر .
فأتى بأن ، الناصبة للفعل بعد علمت . انتهى كلامه . .
وثبت بقول جرير وتجويز سيبويه أن : علم ، تدخل على أن الناصبة ، فليس بوهم ، كما ذكر الزمخشري من طريق اللفظ . .
وأما قوله : لأن الإنسان لا يعلم ما في غد ، وإنما يظن ظناً ، ليس كما ذكر ، بل الإنسان يعلم أشياء كثيرة مما يكون في الغد ، ويجزم بها ولا يظنها . .
والفاء في : فلا تحل ، جواب الشرط ، وله ، ومن بعد ، وحتى ، ثلاثتها تتعلق بتحل ، واللام معناها التبليغ ، ومن ابتداء الغاية ، وحتى للتعليل . وبُني لقطعه عن الإضافة ، إذ تقديره من بعد الطلاق الثالث ، وزوجاً أتى به للتوطئة ، أو للتقييد أظهرهما الثاني ؛ فإن كان للتوطئة لا للتقييد فيكون ذكره على سبيل الغلبة لأن الإنسان أكثر مما يتزوج الحرائر ، ويصير لفظ الزوج كالملغى ، فيكون في ذلك دلالة على أن الأمة إذا بتّ طلاقها ووطئها سيدها حلّ للأول نكاحها ، إذ لفظ الزوج ليس بقيد ؛ وإن كان للتقييد ، وهو الظاهر ، فلا يحللها وطىء سيدها . .
والفاء في : فلا جناح ، جواب الشرط قبله ، وعليهما ، في موضع الخبر ، أما المجموع : جناح ، إذ هو مبتدأ على رأي سيبويه ، وإما على أنه خبر : لا ، على مذهب أبي الحسن ، و : أن يتراجعا ، أي : في أن يتراجعا ، والخلاف بعد حذف : في ، أبقى : أن ، مع ما بعدها في موضع نصب ، أم في موضع جر ، تقدم لنا ذكره ، و : أن يقيما ، في موضع المفعولين سد مسدهما لجريان المسند والمسند إليه في هذا الكلام على مذهب سيبويه ، والمفعول الثاني محذوف على مذهب أبي الحسن ، وأبي العباس . .
{ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } تلك : مبتدأ ، و : حدود خبر ، و : يبينها يحتمل أن يكون خبراً بعد خبر ، ويجوز أن يكون في موضع الحال ، أي مبينة ، والعامل فيها اسم الإشارة ، وذو الحال : حدود الله ، كقوله تعالى : { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً } و : لقوم ، متعلق : بيبينها ، و : تلك ، إشارة إلى ما تقدم من الأحكام ، وقرىء : نبينها ، بالنون على طريق الالتفات ، وهي قراءة تروى عن عاصم . .
ومعنى التبين هنا : الإيضاح ، وخصّ المبين لهم بالعلم تشريفاً لهم ، لأنهم الذين ينتفعون بما بين الله تعالى من نصب دليل