@ 123 @ وهو لا يحلف عليه ، إنما يحلف على ضده ، وهو الذي يعجب به . ويقوى هذا التأويل قراءة أبي حيوة ، وابن محيصن ، إذ معناها : ويطلع الله على ما في قلبه من الكفر الذي هو خلاف قوله . .
وقراءة : ويستشهد ، بجواز أن تكون فيها : استفعل ، بمعنى : أفعل : نحو أيقن واستيقن ، فيوافق قراءة الجمهور ، وهو الظاهر ، ويجوز أن تكون فيها : استفعل ، بمعنى المجرد ، فيكون استشهد بمعنى شهد ، ويظهر إذ ذاك أن لفظ الجلالة منصوب على إسقاط حرف الجر ، أي ويستشهد بالله ، كما تقول : ويشهد بالله ، ولا بد من الحذف حتى يصح المعنى ، أي : ويستشهد بالله على خلاف ما في قلبه ، والظاهر أن قوله : ويشهد الله ، معطوف على قوله : يعجبك ، فهو صلة ، أو صفة . وجوز أن تكون الواو واو الحال لا واو العطف ، فتكون الجملة حالاً من الفاعل المستكن في : يعجبك ، أو : من الضمير المجرور في قوله . التقدير : وهو يشهد الله ، فيكون ذلك قيداً في الإعجاب ، أو في القول ، والظاهر عدم التقييد ، وأنه صلة ، ولما يلزم في الحال من الإضمار للمبتدأ لأن المضارع المثبت ، ومعه الواو ، يقع حالاً بنفسه ، فأحتيج إلى إضمار كما احتاجوا إليه في قولهم : قمت وأصك ، عينه ، أي وأنا أصك ، والإضمار على خلاف الأصل . .
{ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } أي : أشد المخاصمين ، فالخصام جمع خصم ، قاله الزجاج ، وإن أريد بالخصام المصدر ، كما قاله الخليل ، فلا بد من حذف مصحح لجريان الخبر على المبتدأ ، إما من المبتدأ ، أي : وخصامة ألدّ الخصام ، وإما من متعلق الخبر ، أي : وهو ألدّ ذوي الخصام ، وجوز أن يراد هنا بالخصام المصدر على معنى اسم الفاعل ، كما يوصف بالمصدر في : رجل خصم ، وأن يكون أفعل لا للمفاضلة ، كأنه قيل : وهو شديد الخصومة ، وأن يكون هو ضمير الخصومة ، يفسره سياق الكلام ، أي : وخصامه أشدّ الخصام . .
وتقاربت أقاويل المفسرين في : ألدّ الخصام ، قال ابن عباس : معناه ذو الجدال ، وقال الحسن : الكاذب المبطل ، وقال قتادة : شديد القسوة في معصية الله ، وقال السدي : أعوج الخصومة . وقال مجاهد : لا يستقيم على حق في الخصومة . .
والظاهر أن هذه الجملة الابتدائية معطوفة على صلة مَنْ ، فهي صلة ، وجوزوا أن تكون حالاً معطوفة على : ويشهد إذا كانت حالاً ، أو حالاً من الضمير المستكن في : ويشهد . .
وإذا كان الخصام جمعاً ، كان ألدّ من إضافة بعض إلى كل ، وإذا كان مصدراً فقد ذكرنا تصحيح ذلك بالحذف الذي قررناه ، فإن جعلته بمعنى اسم الفاعل فهو كالجمع في أن أفعل بعض ما أضيف إليه ، وإن تأولت أفعل على غير بابها ، فألدّ من باب إضافة الصفة المشبهة . .
وقال الزمخشري : والخصام المخاصمة ، وإضافة الألدّ بمعنى في كقولهم ثبت الغدر . انتهى . .
يعنى أن : أفعل ليس من باب ما أضيف إلى ما هو بعضه ، بل هي إضافة على معنى : في ، وهذا مخالف لما يزعمه النحاة من أن أفعل التفضيل لا يضاف إلاَّ لما هي بعض له ، وفيه إثبات الإضافة بمعنى في ، وهو قول مرجوح في النحو ، قالوا : وفي هذه الآية دليل على الاحتياط بما يتعلق بأمور الدين والدنيا ، واستواء أحوال الشهود والقضاة ، وان الحاكم لا يعمل على ظاهر أحوال الناس وما يبدو من إيمانهم وصلاحهم ، حتى يبحث عن باطنهم ، لأن الله بين أحوال الناس ، وأن منهم من يظهر جميلاً وينوي قبيحاً . .
{ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الاْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } حقيقة التولي الانصراف بالبدن ، ثم اتسع فيه حتى استعمل فيما يرجع عنه من قول وفعل ،