@ 124 @ ومعناه هنا ، قال ابن عباس : غضب لأنه رجوع عن الرضى الذي كان قبله ، وقال الحسن : انصرف عن القول الذي قاله ، وقال مقاتل ، وابن قتيبة : انصرف ببدنه ، وقال مجاهد : من الولاية ، أي : صار والياً . .
والسعي حقيقة المشي بالقدمين بسرعة ، وعلى ذلك حمله هنا أبو سليمان الدمشقي ، وابن عباس ، فيما ذكر ابن عطية عنه ، والمعنى : وإذا نهض عنك يا محمد بعد إلانة القول وحلاوة المنطق ، فسعى بقدميه في الأرض ، فقطع الطريق وأفسد فيها ، كما فعله الأخنس بثقيف . .
وقيل : السعي هنا العمل ، وهو مجاز سائغ في استعمال العرب ، ومنه : { وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } { وَمَنْ أَرَادَ الاْخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ } وقال الشاعر : % ( فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة % .
كفاني ، ولم أطلب ، قليل من المال .
) % .
ولكنما أسعى لمجد مؤثل .
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي .
) % .
وقال الأعشى : % ( وسعى لكندة غير سعي مواكل % .
قيس فصدّ عدوها ونبالها .
) % .
وقال آخر : % ( أسعى على حيي بني مالك % .
كل امرىء في شأنه ساع .
) % .
وللمعنى : سعى بخيلة وإرادة الدوائر على الإسلام ، وإلى هذا القول نحا مجاهد ، وابن جريج ، وذكر أيضاً عن ابن عباس : والقائلون بهذا القول : قال قوم منهم : معناه سعى فيها بالكفر ، وقال قوم بالظلم . وقد يقع السعي بالقول ، يقال : سعى بين فلان وفلان نقل إليهما قولا يوجب الفرقة ، ومنه : % ( ما قلت ما قال وشاة سعوا % .
سعى عدو بيننا يرجف .
) % .
في الأرض ، معلوم أن السعي لا يكون إلاَّ في الأرض ، لكن أفاد العموم بمعنى في : أي مكان حل منها سعى للفساد ، ويدل لفظ : في الأرض ، على كثرة سعيه ونقلته في نواحي الأرض ، لأنه يلزم من عموم الأرض تكرار السعي وتقدّم ما يشبهه في قوله : { لاَ تُفْسِدُواْ فِى الارْضِ } . .
وإذا كان المراد الأخنس فالأرض أرض المدينة ، فالألف واللام للعهد . .
ليفسد فيها ، هذا علة سعيه ، والحامل له على السعي في الأرض ، والفساد ضد الصلاح ، وهو معاندة الله في قوله : { وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } . .
والفساد يكون بأنواع من : الجور ، والقتل ، والنهب ، والسبي ، ويكون : بالكفر . .
و : يهلك الحرث ، والنسل ، عطف هذه العلة على العلة قبلها ، وهو : ليفسد فيها ، وهو شبيه بقوله : { وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } وقوله :