@ 57 @ من التناسل : ( تناكحوا تناسلوا فإني مكاثرٌ بكم الآمم يوم القيامة ) . .
الثاني : هو محل الوطء أي : ابتغوا المحل المباح الوطء فيه دون ما لم يكتب لكم من المحل المحرم لقوله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } . .
الثالث : هو ما أباحه بعد الحظر ، أي : ابتغوا الرخصة والإباحة ، قاله قتادة : وابن زيد . .
الرابع : وابتغوا ليلة القدر ، قاله معاذ بن جبل ، وروي عن ابن عباس . قال الزمخشري : وهو قريب من بدع التفاسير . .
الخامس : هو القرآن ، قاله ابن عباس ، والزجاج . أي : ابتغوا ما أبيح لكم وأمرتم به ، ويرجحه قراءة الحسن ، ومعاوية بن قرة : واتبعوا من الاتباع ، ورويت أيضاً عن ابن عباس . .
السادس : هو الأحوال والأوقات التي أبيح لكم المباشرة فيهنّ ، لأن المباشرة تمتنع في زمن الحيض والنفاس والعدة والردّة . .
السابع : هو الزوجة والمملوكة كما في قوله تعالى : { إِلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } . .
الثامن : إن ذاك نهي عن العزل لأنه في الحرائر . .
وكتب هنا بمعنى : جعل ، كقوله : { كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ } أو بمعنى : قضى ، أو : بمعنى : أثبت في اللوح المحفوظ ، أو : في القرآن . .
والظاهر أن هذه الجملة تأكيد لما قبلها ، والمعنى ، والله أعلم ابتغوا وافعلوا ما أذن الله لكم في فعله من غشيان النساء في جميع ليلة الصيام ، ويرجح هذا قراءة الأعم 5 : وأتوا ما كتب الله لكم . وهي قراءة شاذة لمخالفتها سواد المصحف . .
{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ } أمر إباحة أيضاً أبيح لهم ثلاثة ، الأشياء التي كانت محرمة عليهم في بعض ليلة الصيام { حَتَّى يَتَبَيَّنَ } غاية الثلاثة الأشياء من : الجماع ، والأكل ، والشرب . وقد تقدم في سبب النزول قصة صرمة بنت قيس ، فإحلال الجماع بسبب عمر وغيره ، وإحلال الأكل بسبب صرمة أو غيره { لَكُمُ الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاسْوَدِ } ظاهره أنه الخيط المعهود ، ولذلك كان جماعة من الصحابة إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله خيطاً أبيض وخيطاً أسود ، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبينا له ، إلى أن نزل قوله تعالى : { مِنَ الْفَجْرِ } فعلموا أنما عنى بذلك من الليل والنهار . .
روي ذلك سهل بن سعد في نزول هذه الآية ، وروي أنه كان بين نزول : { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاسْوَدِ } وبين نزول { مِنَ الْفَجْرِ } سنة من رمضان إلى رمضان . .
قال الزمخشري : ومن لا يجوز تأخير البيان وهم أكثر الفقهاء والمتكلمين وهو مذهب أبي علي وأبي هاشم ، فلم يصح عندهم هذا الحديث لمعنى حديث سهل بن سعد وأما من يجوّزه فيقول : ليس بعبث ، لأن المخاطب يستفيد منه وجوب الخطاب ، ويعزم على فعله إذا استوضح المراد به . انتهى كلامه . وليس هذا عندي من تأخير البيان إلى وقت الحاجة ، بل هو من باب النسخ ، ألا ترى أن الصحابة عملت به ، أعنى بإجراء اللفظ على ظاهره إلى أن نزلت : من الفجر ، فنسخ حمل الخيط الأبيض والخيط الأسود على ظاهرهما ، وصارا ذلك مجازين ، شبه بالخيط الأبيض ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق ، وبالأسود ما يمتد معه من غبش الليل ، شبهاً بخيطين أبيض وأسود ، وأخرجه من الاستعارة إلى التشبيه قوله : من الفجر ، كقولك : رأيت أسداً من زيد ، فلو لم يذكر من زيد كان استعارة ، وكان التشبيه هنا أبلغ من الاستعارة ، لأن الاستعارة لا تكون إلاَّ حيث يدل عليها الحال ، أو الكلام وهنا ، لو لم يأت : من الفجر ، لم يعلم الإستعارة ، ولذلك فهم الصحابة الحقيقة من الخيطين قبل نزول من الفجر ، حتى إن بعضهم ، وهو عدي بن حاتم . غفل عن هذا التشبيه وعن بيان قوله : من الفجر ، فحمل الخيطين على الحقيقة . وحكي ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) فضحك وقال : ( إن كان وسادك لعريضاً ) وروي : ( إنك لعريض القفاء ) . إنما ذاك بياض النهار وسواد الليل ، والقفا العريض يستدل