@ 8 @ عبيد ، وأبو ثور . وروي عن أحمد القولان السابقان . .
أو الأسارى يفدون وتفك رقابهم من الأسر ؛ وقيل : هؤلاء الأصناف الثلاثة ، وهو الظاهر . فإن كان هذا الإيتاء هو الزكاة فاختلفوا ، فقيل : لا يجوز إلاَّ في إعانة المكاتبين ، وقيل : يجوز في ذلك ، وفيمن يشتريه فيعتقه . وإن كان غير الزكاة فيجوز الأمران ، وجاء هذا الترتيب فيمن يؤتي المال تقديماً ، أَلاوْلى فأَلاوْلى ، لأن الفقير القريب أولى بالصدقة من غيره للجمع فيها بين الصلة والصدقة ، ولأن القرابة من أوكد الوجوه في صرف المال إليها ، ولذلك يستحق بها الإرث ، فلذلك قدّم ثم أتبع باليتامى لأنه منقطع الحيلة من كل الوجوه لصغره ، ثم أتبع بالمساكين لأن الحاجة قد تشتد بهم ، ثم بابن السبيل لأنه قد تشتد حاجته في الرجوع إلى أهله ، ثم بالسائلين وفي الرقاب لأن حاجتهما دون حاجة من تقدّم ذكره . .
قال الراغب : اختير هذا الترتيب لما كان أَوْلى من يتفقد الإنسان لمعروفه أقاربه ، فكان تقديمه أولى ، ثم عقبه باليتامى ، والناس في المكاسب ثلاثة : معيل غير معول ، ومعول معيل ، ومعول غير معيل . واليتيم : معول غير معيل ، فمواساته بعد الأقارب أولى . ثم ذكر المساكين الذين لا مال لهم حاضراً ولا غائباً ، ثم ذكر ابن السبيل الذي يكون له مال غائب ، ثم ذكر السائلين الذين منهم صادق وكاذب ، ثم ذكر الرقاب الذين لهم أرباب يعولونهم فكل واحد ممن أخر ذكره أقل فقراً ممن قدم ذكره عليه . انتهى كلامه . .
وأجمع المسلمون على أنه إذا نزل بالمسلمين حاجة وضرورة بعد أداء الزكاة ، فإنه يجب صرف المال إليها . .
وقال مالك : يجب على الناس فك أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم ، واختلفوا في اليتيم : هل يعطى من صدقة التطوع بمجرد اليتم على جهة الصلة وإن كان غنياً ؟ أو لا يعطي حتى يكون فقيراً ؟ قولان لأهل العلم . .
{ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ } : تقدّم الكلام على نظير هاتين الجملتين ، فإن كان أريد بالإيتاء السابق الزكاة كان ذكر هذا توكيداً ، وإلاَّ فقد تقدّمت الأقاويل فيه إذا لم يُرَدْ به الزكاة ، هذا هو الظاهر ، لأن مصرف الزكاة فيه أشياء لم تذكر في مصرف هذا الإيتاء ، وقد تقدم القول في تقديم الصلاة على الزكاة ، وهو . أن الصلاة أفضل العبادات البدنية ، وتكرر في كل يوم وليلة ، وتجب على كل عاقل بالشروط المذكورة ، فلذلك قدمت . وعطف قوله : { لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ } على صلة من ، وصلة من ، آمن وآتى ، وتقدمت صلة من التي هي : آمن ، لأن الإيمان أفضل الأشياء المتعبد بها ، وهو رأس الأعمال الدينية ، وهو المطلوب الأول . وثنى بإيتاء المال من ذكر فيه ، لأن ذلك من آثر الأشياء عند العرب ، ومن مناقبها الجلية ، ولهم في ذلك أخبار وأشعار كثيرة ، يفتخرون بذلك حتى هم يحسنون للقرابة وإن كانوا مسئين لهم ، ويحتملون منهم ما لا يحتملون من غير القرابة ، ألا ترى إلى قول طرفة العبدي : % ( فمالى أراني وابن عمي مالكا % .
متى أدنُ منه ينأ عني ويبعد .
ويكفي من ذلك في الإحسان إلى ذوي القربى قصيدة المقنع الكندي التي أولها : .
يعاتبني في الدين قومي وإنما .
ديوني في أشياء تكسبهم حمداً .
) % .
ومنها : % ( لهم جل مالي أن تتابع لي غنى % .
وإن قل مالي لم أكلفهم رِفدا