@ 7 @ وقول من أعاده على الله تعالى أبعد ، لأنه أعاده على لفظ بعيد مع حسن عوده على لفظ قريب ، وفي هذه الأوجه الثلاثة يكون المصدر مضافاً للفاعل ، وهو أيضاً بعيد . .
قال ابن عطية : ويجيء قوله { عَلَى حُبّهِ } اعتراضاً بليغاً أثناء القول انتهى كلامه . .
فإن كان أراد بالاعتراض المصطلح عليه في النحو فليس كذلك ، لأن شرط ذلك أن تكون جملة ، وأن لا يكون لها محل من الإعراب ، وهذه ليست بجملة ، ولها محل من الإعراب . وإن أراد بالاعتراض فصلاً بين المفعولين بالحال فيصح ، لكن فيه إلباس ، فكان ينبغي أن يقول فصلاً بليغاً بين أثناء القول . .
{ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرّقَابِ } أما ذوو القربى فالأولى حملها على العموم ، وهو : من تقرب إليك بولادة ، ولا وجه لقصر ذلك على الرحم المحرم ، كما ذهب إليه قوم ، لأن الحرمة حكم شرعي ، وأما القرابة فهي لفظة لغوية موضوعة للقرابة في النسب ، وإن كان من يطلق عليه ذلك يتفاوت في القرب والبعد . وقد رويت أحاديث كثيرة في صلة القرابة ، وقد تقدم لنا الكلام على ذوي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، في قوله { وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا } فاغنى عن اعادته . .
و { ذَوِى الْقُرْبَى } وما بعده من المعطوفات هو المفعول الأول على مذهب الجمهور ، و { الْمَالَ } هو المفعول الثاني . .
ولما كان المقصود الأعظم هو ايتاء المال على حبه قدّم المفعول الثاني اعتناء به لهذا المعنى . .
وأما على مذهب السهيلي فإن { الْمَالَ } عنده هو المفعول الأول ، و { ذَوِى الْقُرْبَى } وما بعده هو المفعول الثاني ، فأتى التقديم على أصله عنده . و { الْيَتَامَى } معطوف على { ذَوِى الْقُرْبَى } حمله بعضهم على حذف أي ذوي اليتامى ، قال : لأنه لا يحسن من المتصدق أن يدفع المال إلى اليتيم الذي لا يميز ولا يعرف وجوه منافعه ، ومتى فعل ذلك أخطأ ، فإن كان مراهقاً عارفاً بمواقع حقه ، والصدقة تؤكل أو تلبس ، جاز دفعها إليه ، وهذا على قول من خص اليتيم بغير البالغ ، وأما من البالغ والصغير عنده ينطلق عليهما يتيم ، فيدفع للبالغ ولولِيّ الصغير . انتهى . .
ولا يحتاج إلى تقدير هذا المضاف لصدق : آتيت زيداً مالاً ، وإن لم يباشر هو الأخذ بنفسه بل بوكيله { وَابْنِ السَّبِيلِ } الضعف ، قاله قتادة ، وابن جبير ، والضحاك ، ومقاتل ، والفراء ، وابن قتيبة ، والزجاج ؛ أو المسافر يمرّ عليك من بلد إلى بلد ، قاله . مجاهد ، وقتادة أيضاً ، والربيع بن أنس . .
وسمي ابن السبيل بملازمته السبيل ، وهو الطريق ، كما قيل لطائر يلازم الماء ابن ماء ، ولمن مرت عليه دهور : ابن الليالي والأيام . .
وقيل : سمي ابن سبيل لأن السبيل تبرزه شبه ابرازها له بالولادة ، فأطلقت عليه البنوّة مجازاً والمنقطع في بلد دون بلده ، وبين البلد الذي انقطع فيه وبين بلده مسافة بعيدة ، قاله أبو حنيفة ، وأحمد ، وابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي ، والقاضي أبو يعلى ؛ أو الذي يريد سفراً ولا يجد نفقة ، قاله الماوردي ، وغيره عن الشافعي . .
والسائلين : هم المستطعمون ، وهو الذي تدعوه الضرورة إلى السؤال في سدِّ خلته ، إذ لا تباح له المسألة إلاَّ عند ذلك . .
ومن جعل إيتاء المال لهؤلاء ليس هو الزكاة ، أجاز ايتاءه للمسلم والكافر ، وقد ورد في الحديث ما يدل على ذم السؤال ويحمل على غير حال الضرورة . .
{ وَفِي الرّقَابِ } : هم المكاتبون يعانون في فك رقابهم ، قاله عليّ وابن عباس ، والحسن ، وابن زيد ، والشافعي . .
أوعبيد : يشترون ويعتقون ، قاله مجاهد ، ومالك ، وأبو