@ 655 @ ما اشتهت . انتهى كلامه . .
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } : الضمير في لهم عائد على كفار العرب ، لأن هذا كان وصفهم ، وهو الاقتداء بآبائهم ، ولذلك قالوا لأبي طالب ، حين احتضر : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ذكروه بدين أبيه ومذهبه . وقال ابن عباس : نزلت في اليهود ، فعلى هذا يكون الضمير عائداً على غير مذكور ، وهم أشد الناس اتباعاً لأسلافهم . وقيل : هو عائد على من ، من قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا } ، وهو بعيد . وقال الطبري : هو عائد على الناس من قوله : { النَّارِ يأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ } وهذا هو الظاهر ، ويكون ذلك من باب الالتفات ، وحكمته أنهم أبرزوا في صورة الغائب الذي يتعجب من فعله ، حيث دعي إلى اتباع شريعة الله التي هي الهدى والنور . فأجاب باتباع شريعة أبيه ، وكأنه يقال : هل رأيتم أسخف رأياً وأعمى بصيرة ممن دعى إلى اتباع القرآن المنزل من عند الله ، فرد ذلك وأضرب عنه ؟ وأثبت أنه يتبع ما وجد عليه أباه ؟ وفي هذا دلالة على ذم التقليد ، وهو قبول الشيء بلا دليل ولا حجة . وحكى ابن عطية أن الإجماع منعقد على إبطاله في العقائد . وفي الآية دليل على أن ما كان عليه آباؤهم هو مخالف لما أنزل الله ، فاتباع أبنائهم لآبائهم تقليد في ضلال . وفي هذا دليل على أن دين الله هو اتباع ما أنزل الله ، لأنهم لم يؤمروا إلا به . والمراد بقوله : وإذا ، التكرار . وبنى قيل لما لم يسم فاعله ، لأنه أخصر ، لأنه لو ذكر الآمرون لطال الكلام ، لأن الآمر بذلك هو الرسول ومن يتبعه من المؤمنين . وفي قوله : { أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ } إعلام بتعظيم ما أمروهم باتباعه أن نسب إنزاله إلى الله الذي هو المشرّع للشرائع ، فكان ينبغي أن يتلقى بالقبول ولا يعارض باتباع آبائهم رؤوس الضلالة . وأدغم الكسائي لام بل في نون نتبع ، وأظهر ذلك غيره . وبل هنا عاطفة جملة على جملة محذوفة ، التقدير : لا نتبع ما أنزل الله ، { بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } . ولا يجوز أن يعطف على قوله : { اتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ } . وعليه متعلق بقوله : ألفينا ، وليست هنا متعدية إلى اثنين ، لأنها بمعنى وجد ، التي بمعنى أصاب . .
{ أَوْ * لَّوْ كَانَ * لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ } : الهمزة للاستفهام المصحوب بالتوبيخ والإنكار والتعجب من حالهم ، وأما الواو بعد الهمزة ، فقال الزمخشري : الواو للحال ، ومعناه : أيتبعونهم ، ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً من الدين ولا يهتدون للصواب ؟ وقال ابن عطية : الواو لعطف جملة كلام على جملة ، لأن غاية الفساد في الالتزام أن يقولوا : نتبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون ، فقرروا على التزام هذا ، أي هذه حال آبائهم . انتهى كلامه . وظاهر قول الزمخشري أن الواو للحال ، مخالف لقول ابن عطية إنها للعطف ، لأن واو الحال ليست للعطف . والجمع بينهما أن هذه الجملة المصحوبة بلو في مثل هذا السياق ، هي جملة شرطية . فإذا قال : اضرب زيداً ولو أحسن إليك ، المعنى : وإن أحسن ، وكذلك : اعطوا السائل ولو جاء على فرس ؛ ردّوا السائل ولو بشق تمرة ، المعنى فيها : وإن . وتجيء لو هنا تنبيهاً على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبلها ، لكنها جاءت لاستقصاء الأحوال التي يقع فيها الفعل ، ولتدل على أن المراد بذلك وجود الفعل في كل حال ، حتى في هذه الحال التي لا تناسب الفعل . ولذلك لا يجوز : اضرب زيداً ولو أساء إليك ، ولا أعطوا السائل ولو كان محتاجاً ، ولا ردوا السائل ولو بمائة دينار . فإذا تقرر هذا ، قالوا وفي ولو في المثل التي ذكرناها عاطفة على حال مقدرة ، والعطف على الحال حال ، فصح أن يقال : إنها للحال من حيث أنها عطفت جملة حالية على حال مقدرة . والجملة المعطوفة على الحال حال ، وصح أن يقال : إنها للعطف من حيث ذلك العطف ، والمعنى : والله أعلم إنكار اتباع آبائهم في كلّ حال ، حتى في الحالة التي لا تناسب أن يتبعوا فيها ، وهي تلبسهم بعدم العقل وعدم الهداية . ولذلك لا يجوز حذف هذه الواو الداخلة على لو ، إذا كانت تنبيهاً على أن ما بعدها لم يكن يناسب ما قبلها . وإن كانت الجملة الواقعة حالاً فيها ضمير يعود على ذي الحال ، لأن مجيئها عارية من الواو يؤذن بتقييد