@ 654 @ الخطو . وقرأ علي وقتادة والأعمش وسلام : خطؤات ، بضم الخاء والطاء والهمزة ، واختلف في توجيه هذه القراءة فقيل : الهمزة أصل ، وهو من الخطأ جمع خطأة ، إن كان سمع ، وإلا فتقديراً . وممن قال إنه من الخطأ أبو الحسن الأخفش ، وفسره مجاهد خطاياه ، وتفسيره يحتمل أن يكون فسر بالمرادف ، أو فسر بالمعنى . وقيل : هو جمع خطوة ، لكنه توهم ضمة الطاء أنها على الواو فهمز ، لأن مثل ذلك قد يهمز . قال معناه الزمخشري : والنهي عن اتباع خطوات الشيطان كناية عن ترك الاقتداء به ، وعن اتباع ما سنّ من المعاصي . يقال : اتبع زيد خطوات عمرو ووطىء على عقبيه ، إذ سلك مسلكه في أحواله . قال ابن عباس : خطواته أعماله . وقال مجاهد : خطاياه . وقال السدي : طاعته . وقال أبو مجلز : النذور في المعاصي . وقيل : ما ينقلهم إليه من معصية إلى معصية ، حتى يستوعبوا جميع المعاصي ، مأخوذ من خطو القدم من مكان إلى مكان . وقال الزجاج وابن قتيبة : طرقه . وقال أبو عبيدة : محقرات الذنوب . وقال المؤرّخ آثاره وقال عطاء : زلاته ، وهذه أقوال متقاربة المعنى صدرت من قائلها على سبيل التمثيل . والمعنى بها كلها النهي عن معصية الله ، وكأنه تعالى لما أباح لهم الأكل من الحلال الطيب ، نهاهم عن معاصي الله وعن التخطي إلى أكل الحرام ، لأن الشيطان يلقي إلى المرء ما يجري مجرى الشبهة ، فيزين بذلك ما لا يحل ، فزجر الله عن ذلك . والشيطان هنا إبليس ، والنهي عنا عن اتباع كل فرد فرد من المعاصي ، لا أن ذلك يفيد الجمع ، فلا يكون نهياً عن المفرد . .
{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } : تعليل لسبب هذا التحذير من اتباع الشيطان ، لأن من ظهرت عداوته واستبانت ، فهو جدير بأن لا يتبع في شيء وأن يفرّ منه ، فإنه ليس له فكر إلا في إرداء عدوه . .
{ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوء وَالْفَحْشَاء } : لما خبرته أنه عدوّ ، أخذ يذكر ثمرة العداوة وما نشأ عنها ، وهو أمره بما ذكر . وقد تقدم الكلام في إنما في قوله : { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } . وفي الخلاف فيها ، أتفيد الحصر أم لا ؟ وأمر الشيطان ، إما بقوله في زمن الكهنة وحيث يتصور ، وإما بوسوسته وإغوائه . فإذا أطيع ، نفذ أمره بالسوء ، أي بما يسوء في العقبى . وقال ابن عباس : السوء ما لا حد له . والفحشاء ، قال السدي : هي الزنا . وقال ابن عباس : كل ما بلغ حداً من الحدود لأنه يتفاحش حينئذ . وقيل : ما تفاحش ذكره . وقيل : ما قبح قولاً أو فعلاً . وقال طاوس : ما لا يعرف في شريعتة ولا سنة . وقال عطاء : هي البخل . .
{ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ، قال الطبري : يريد به ما حرموا من البحيرة والسائبة ونحوه ، وجعلوه شرعاً . وقال الزمخشري : هو قولهم هذا حلال وهذا حرام بغير علم ، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله مما لا يجوز عليه . انتهى . قيل : وظاهر هذا تحريم القول في دين الله بما لا يعلمه القائل من دين الله ، فيدخل في ذلك الرأي والأقيسة والشبهية والاستحسان . قالوا : وفي هذه الآية إشارة إلى ذمّ من قلد الجاهل واتبع حكمه . قال الزمخشري : فإن قلت : كيف كان الشيطان آمراً مع قوله : { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } ؟ قلت : شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر ، كما تقول : أمرتني نفسي بكذا ، وتحته رمز إلى أنكم فيه بمنزلة المأمورين لطاعتكم له وقبولكم وساوسه ، ولذلك قال : { وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ الاْنْعَامِ } { وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } . وقال الله تعالى : { إِنَّ النَّفْسَ لامَّارَةٌ بِالسُّوء } لما كان الإنسان يطعمها ويعطيها