@ 415 @ أي بسطها ، فخلق الأرض ثم السماء ثم دحا الأرض . وقرأ الجمهور : { والاْرْضِ } ، { وَالْجِبَالَ } بنصبهما ؛ والحسن وأبو حيوة وعمرو بن عبيد وابن أبي عبلة وأبو السمال : برفعهما ؛ وعيسى : برفع الأرض . وأضيف الماء والمرعى إلى الأرض لأنهما يظهران منها . والجمهور : { مَّتَاعًا } بالنصب ، أي فعل ذلك تمتيعاً لكم ؛ وابن أبي عبلة : بالرفع ، أي ذلك متاع . وقال الزمخشري : فإن قلت : فهلا أدخل حرف العطف على أخرج ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون معنى { دَحَاهَا } : بسطها ومهدها للسكنى ، ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتي سكناها من تسوية أمر المأكل والمشرب وإمكان القرار عليها . والثاني : أن يكون أخرج حالاً بإضمار قد ، كقوله : { أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ } . انتهى . وإضمار قد قول للبصريين ومذهب الكوفيين . والأخفش : أن الماضي يقع حالاً ، ولا يحتاج إلى إضمار قد ، وهو الصحيح . ففي كلام العرب وقع ذلك كثيراً . انتهى . { وَمَرْعَاهَا } : مفعل من الرعي ، فيكون مكاناً وزماناً ومصدراً ، وهو هنا مصدر يراد به اسم المفعول ، كأنه قيل : ومرعيها : أي النبات الذي يرعى . وقدم الماء على المرعى لأنه سبب في وجود المرعى ، وشمل { وَمَرْعَاهَا } ما يتقوت به الآدمي والحيوان غيره ، فهو في حق الآدمي استعارة ، ولهذا قيل : دل الله سبحانه وتعالى بذكر الماء والمرعى على عامة ما يرتفق به ويتمتع مما يخرج من الأرض حتى الملح ، لأنه من الماء . .
{ فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ } ، قال ابن عباس والضحاك : القيامة . وقال ابن عباس أيضاً والحسن : النفخة الثانية . وقال القاسم : وقت سوق أهل الجنة إليها ، وأهل النار إليها ، وهو معنى قول مجاهد . { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى } : أي عمله الذي كان سعى فيه في الدنيا . وقرأ الجمهور : { وَبُرّزَتِ } مبني للمفعول مشدد الراء ، { لِمَن يَرَى } بياء الغيبة : أي لكل أحد ، فيشكر المؤمن نعمة الله . وقيل : { لِمَن يَرَى } هو الكافر ؛ وعائشة وزيد بن علي وعكرمة ومالك بن دينار : مبنياً للفاعل مخففاً وبتاء ، يجوز أن يكون خطاباً للرسول صلى الله عليه وسلم ) ، أي لمن ترى من أهلها ، وأن يكون إخبار عن الجحيم ، فهي تاء التأنيث . قال تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } . وقال أبو نهيك وأبو السمال وهارون عن أبي عمرو : وبرزت مبنياً ومخففاً ، و { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ } : بدل من { فَإِذَا } ؛ وجواب إذا ، قال الزمخشري : فإن الأمر كذلك . وقيل : عاينوا وعلموا . ويحتمل أن يكون التقدير : انقسم الراؤون قسمين ، والأولى أن يكون الجواب : فأما وما بعده ، كما تقول : إذا جاءك بنو تميم ، فأما العاصي فأهنه ، وأما الطائع فأكرمه . .
{ طَغَى } : تجاوز الحد في عصيانه ، { وَءاثَرَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا } على الآخرة ، وهي مبتدأ أو فصل . والعائد على من من الخبر محذوف على رأي البصريين ، أي المأوى له ، وحسن حذفه وقوع المأوى فاصلة . وأما الكوفيون فمذهبهم أن أل عوض من الضمير . وقال الزمخشري : والمعنى فإن الجحيم مأواه ، كما تقول للرجل : غض الطرف ، تريد طرفك ؛ وليس الألف واللام بدلاً من الإضافة ، ولكن لما علم أن الطاغي هو صاحب المأوى ، وأنه لا يغض الرجل طرف غيره ، تركت الإضافة . ودخول حرف التعريف في المأوى ، والطرف للتحريف لأنهما معرفان . انتهى . وهو كلام لا يتحصل منه الرابط العائد على المبتدأ ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين ، ولم يقدر ضميراً محذوفاً ، كما قدره البصريون ، فرام حصول الربط بلا رابط . .
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ } : أي مقاماً بين يدي ربه يوم القيامة للجزاء ؛ وفي إضافة المقام إلى الرب تفخيم للمقام وتهويل عظيم واقع من النفوس موقعاً عظيماً . قال ابن عباس : خافه عندما هم بالمعصية فانتهى عنها . { وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى } : أي عن شهوات النفس ، وأكثر استعمال الهوى فيما ليس بمحمود . قال سهل : لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين . وقال بعض الحكماء : إذا أردت الصواب فانظر هواك فخالفه . وقال عمران الميرتليّ : % ( فخالف هواها واعصها إن من يطع % .
هوى نفسه تنزع به كل منزع .
ومن يطع النفس اللجوجة ترده وترم به في مصرع أي مصرع .
.
) % .
وقال الفضيل : أفضل الأعمال خلاف الهوى ، وهذا التفضيل هو عام في أهل الجنة وأهل النار . وعن ابن عباس