@ 454 @ وقيل : عبارة بتردده في التدريج المذكور ، ولا يختص بما قبل الشيخ ، بل منهم من يموت قبل أن يخرج طفلاً ، وآخر قبل الأشد ، وآخر قبل الشيخ . { وَلِتَبْلُغُواْ } : متعلق بمحذوف ، أي يبقيكم لتبلغوا ، أي ليبلغ كل واحد منكم أجلاً مسمى لا يتعداه . قال مجاهد : يعني موت الجميع ، وقيل : هو يوم القيامة . و { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ما في ذلك من العبرة والحجج ، إذا نظرتم في ذلك وتدبرتم . .
ولما ذكر ، رتب الإيجاد ، ذكر أنه المتصف بالإحياء والإمانة ، وأنه متى تعلقت إرادته بإيجاد شيء أوجده من غير تأخر ، وتقدم الكلام على مثل هذه الجمل . ثم قال بعد ظهور هذه الآيات : ألا تعجب إلى المجادل في رسالة الرسول عليه السلام والكتاب الذي جاء به بدليل قوله : { الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } ، ثم هددهم بقوله : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } ، وهذا قول الجمهور . وقال محمد بن سيرين وغيره : هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة ، ورووا في نحو هذا حديثاً وقالوا : هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم ، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعل قوله : { الَّذِينَ كَذَبُواْ } كلاماً مستأنفاً في الكفار ، ويكون { الَّذِينَ كَذَبُواْ } مبتدأ ، وخبره : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } . وأما على الظاهر ، فالذين بدل من الذين ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوباً على الذم ، وإذ ظرف لما مضى ، فلا يعمل فيه المستقبل ، كما لا يقول : سأقوم أمس ، فقيل : إذا يقع موقع إذ ، وأن وقعها على سبيل المجاز ، فيكون إذ هنا بمعنى إذا ، وحسن ذلك تيقن وقوع الأمر ، وأخرج في صيغة الماضي ، وإن كان المعنى على الاستقبال . قال النخعي : لو أن غلا من أغلال جهنم وضع على جبل ، لا رحضة حتى يبلغ إلى الماء الأسود . وقرأ : والسلاسل عطفاً على الأغلال ، يسحبون مبنياً للمفعول . وقرأ ابن مسعود ، وابن عباس ، وزيد بن علي ، وابن وثاب ، والمسيء في اختياره : والسلاسل بالنصب على المفعول ، يسحبون مبنياً للفاعل ، وهو عطف جملة فعلية على جملة اسمية . وقرأت فرقة منهم ابن عباس : والسلاسل ، بجر اللام . قال ابن عطية : على تقدير ، إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، فعطف على المراد من الكلام لا على ترتيب اللفظ ، إذ ترتيبه فيه قلب ، وهو على حد قول العرب : أدخلت القلنسوة في رأسي ، وفي مصحف أبي : وفي السلاسل يسحبون . وقال الزمخشري : ووجهه أنه لو قيل : إذ أعناقهم في الأغلال ، مكان قوله : { إِذِ الاْغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ } ، لكان صحيحاً مستقيماً . فلما كانتا عبارتين معتقبتين ، حمل قوله : { والسَّلَاسِلُ } على لعبارة الأخرى ، ونظيره قول الشاعر : % ( مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة % .
ولا ناعبا إلا ببين غرابها .
) % .
.
كأنه قيل : بمصلحين . وقرىء : وبالسلاسل ، انتهى ، وهذا يسمى العطف على التوهم ، ولكن توهم إدخال حرف الجر على مصلحين أقرب من تغيير تركيب الجملة بأسرها ، والقراءة من تغيير تركيب الجملة السابقة بأسرها ، ونظير ذلك قول الشاعر : % ( أحدك لن ترى بثعيلبات % .
ولا بيداء ناجية زمولا .
) % .
% ( ولا متدارك والليل طفل % .
ببعض نواشع الوادي حمولا .
) % .
.
التقدير : لست براء ولا متدارك . وهذا الذي قاله ابن عطية والزمخشري سبقهما إليه الفراء ، قال : من جر السلاسل حمله على المعنى ، لأن المعنى : أعناقهم في الأغلال والسلاسل . وقال الزجاج : من قرأ بحفص والسلاسل ،