@ 453 @ { إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } . انتهى . { ذالِكُمْ } : أي المخصوص بتلك الصفات المتميز بها من استجابته لدعائكم ، ومن جعل الليل والنهار كما ذكر ، ومن تفضله عليكم . { اللَّهُ رَبُّكُمُ } : الجامع لهذه الأوصاف من الإلهية والربوبية ، وإنشاء الأشياء والوحدانية . فكيف تصرفون عن عبادة من هذه أوصافه إلى عبادة الأوثان ؟ وقرأ زيد بن علي : خالق بنصب القاف ، وطلحة في رواية : يؤفكون بياء الغيبة والجمهور : بضم القاف وتاء الخطاب . قال الزمخشري : خالق نصباً على الاختصاص كذلك ، أي مثل ذلك الصرف صرف الله قلوب الجاحدين بآيات الله من الأمم على طريق الهدى . .
ولما ذكر تعالى ما امتن به من الليل والنهار ، ذكر أيضاً ما امتن به من جعل الأرض مستقراً والسماء بناء ، أي قبة ، ومنه أبنية العرب لمضاربهم ، لأن السماء في منظر العين كقبة مضروبة على وجه الأرض . وقرأ الجمهور : صوركم بضم الصاد ، والأعمش ، وأبو رزين : بكسرها فراراً من الضمة قبل الواو استثقالاً ، وجمع فعلة بضم الفاء على فعل بكسرها شاذ ، وقالوا قوة وقوي بكسر القاف على الشذوذ أيضاً قيل : لم يخلق حيواناً أحسن صورة من الإنسان . وقيل : لم يخلقهم منكوسين كالبهائم ، كقوله : { فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } . وقرأت فرقة : صوركم بضم الصاد وإسكان الواو ، على نحو بسرة وبسر ، { وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ } : امتن عليهم بما يقوم بأود صورهم والطيبات المستلذات طعماً ولباساً ومكاسب . وقال ابن عباس : من قال : لا إله إلا الله ، فليقل على أثرها : { الْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } . وقال نحوه سعيد بن جبير ، ثم قرأ الآية . .
{ قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِى الْبَيّنَاتُ مِن رَّبّى وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبّ } . .
أمر الله تعالى نبيه ، عليه السلام ، أن يخبرهم بأنه نهى أن يعبد أصنامهم ، لما جاءته البينات من ربه ، فهذا نهي بالسمع ، وإن كان منهياً بدلائل العقل ، فتظافرت أدلة السمع وأدلة العقل على النهي عن عبادة الأوثان . فمن أدلة السمع قوله تعالى : { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } إلى غير ذلك ، وذكره أنه نهى بالسمع لا يدل على أنه كان منهياً بأدلة العقل . ولما نهى عن عبادة الأوثان ، أخبر أنه أمر بالاستسلام لله تعالى ، ثم بين أمر الوحدانية والألوهية التي أصنامهم عارية عن شيء منهما ، بالاعتبار في تدريج ابن آدم بأن ذكر مبدأه الأول ، وهو من تراب . ثم أشار إلى التناسل بخلقه من نطفة ، والطفل اسم جنس ، أو يكون المعنى : { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ } ، أي كل واحد منكم طفلاً } ، وتقدم الكلام على بلوغ الأشد . و { * } ، وتقدم الكلام على بلوغ الأشد . و { مِن قَبْلُ } ، قال مجاهد : من قبل أن يكون شيخاً ، قيل : ويجوز أن يكون من قبل هذه الأحوال ، إذا خرج سقطاً ،