@ 449 @ لاسم إن ، وهو معرفة ، والتنوين عوض من المضاف إليه ، يريد : إنا كلنا فيها . انتهى . وخبر إن هو فيها ، ومن رفع كلا فعلى الابتداء ، وخبره فيها ، والجملة خبر إن . وقال ابن مالك في تصنيفه ( تسهيل الفوائد ) : وقد تكلم على كل ، ولا يستغنى بنية إضافته ، خلافاً للفرّاء والزمخشري . انتهى ، وهذا المذهب منقول عن الكوفيين ، وقد رد ابن مالك على هذا المذهب بما قرره في شرحه ( التسهيل ) . وقال الزمخشر : فإن قلت : هل يجوز أن يكون كلاً حالاً قد عمل فيها فيها ؟ قلت : لا ، لأن الظرف لا يعمل ، والحال متقدمة ، كما يعمل في الظرف متقدماً ، تقول : كل يوم لك ثوب ، ولا تقول : قائماً في الدار زيد . انتهى . وهذا الذي منعه أجازه الأخفش إذا توسطت الحال ، نحو : زيد قائماً في الدار ، وزيد قائماً عندك ، والتمثيل الذي ذكره ليس مطابقاً في الآية ، لأن الآية تقدم فيها المسند إليه الحكم ، وهو اسم إن ، وتوسطت الحال إذا قلنا إنها حال ، وتأخر العامل فيها ، وأما تمثيله بقوله : ولا تقول قائماً في الدار زيد ، تأخر فيه المسند والمسند إليه ، وقد ذكر بعضهم أن المنع في ذلك إجماع من النحاة . وقال ابن مالك : والقول المرضي عندي أن كلاً في القراءة المذكورة منصوب على أن الضمير المرفوع المنوي في فيها ، وفيها هو العامل ، وقد تقدمت الحال عليه مع عدم تصرفه ، كما قدمت في قراءة من قرأ : { وَالسَّمَاواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } . وفي قول النابغة الذبياني : % ( رهط ابن كوز محقبي أدراعهم % .
فيهم ورهط ربيعة بن حذار .
) % .
.
وقال بعض الطائيين : % ( دعا فأجبنا وهو باديّ ذلة % .
لديكم فكان النصر غير قريب .
) % .
.
انتهى . وهذا التخريج هو على مذهب الأخفش ، كما ذكرناه ، والذي أختاره في تخريج هذه القراءة أن كلاً بدل من اسم إن ، لأن كلاً يتصرف فيهما بالابتداء ونواسخه وغير ذلك ، فكأنه قال : إن كلاً بدل من اسم إن ، لأن كلاً فيها : وإذا كانوا قد تأولوا حولا أكتعاً ويوماً أجمعاً على البدل ، مع أنهما لا يليان العوامل ، فإن يدعى في كل البدل أولى ، وأيضاً فتنكير كل ونصبه حالاً في غاية الشذوذ ، والمشهور أن كلاً معرفة إذا قطعت عن الإضافة . حكى : مررت بكل قائماً ، وببعض جالساً في الفصيح الكثير في كلامهم ، وقد شذ نصب كل على الحال في قولهم : مررت بهم كلاً ، أي جميعاً . فإن قلت : كيف يجعله بدلاً ، وهو بدل كل من كل من ضمير المتكلم ، وهو لا يجوز على مذهب البصريين ؟ قلت : مذهب الأخفش والكوفيين جوازه ، وهو الصحيح ، على أن هذا ليس مما وقع فيه الخلاف ، بل إذا كان البدل يفيد الإحاطة ، جاز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب ، لا نعلم خلافاً في ذلك ، كقوله تعالى : { تَكُونُ لَنَا عِيداً لاِوَّلِنَا وَءاخِرِنَا } ، وكقولك : مررت بكم صغيركم وكبيركم ، معناه : مررت بكم كلكم ، وتكون لنا عيداً كلنا . فإذا جاز ذلك فيما هو بمعنى الإحاطة ، فجوازه فيما دل على الإحاطة ، وهو كل أولى ، ولا التفات لمنع المبرد البدل فيه ، لأنه بدل من ضمير المتكلم ، لأنه لم يتحقق مناط الخلاف . .
ولما أجاب الضعفاء المستكبرونن قالوا جميعاً : { لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ } ، وأبرز ما أضيف إليه الخزنة ، ولم يأت ضميراً ، فكان يكون التركيب لخزنتها ، لما في ذكر جهنم من التهويل ، وفيها أطغى الكفار وأعتاهم . ولعل الكفار توهموا أن ملائكة جهنم الموكلين بعذاب تلك الطغاة هم أقرب منزلة عند الله من غيرهم من الملائكة الموكلين ببقية دركات النار ، فرجوا أن يجيبوهم ويدعوا لهم بالتخفيف ، فراجعتهم الخزنة على سبيل التوبيخ لهم والتقرير : { أَوَ لَمْ * تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيّنَاتِ } ، فأجابوا بأنهم أتتهم ، { قَالُواْ } : أي الخزنة ، { فَادْعُواْ } أنتم على معنى الهزء بهم ، أو فادعوا أنتم ، فإنا لا نجترىء على