@ 450 @ ذلك . والظاهر أن قوله : { وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَالٍ } من كلام الخزنة : أي دعاؤكم لا ينفع ولا يجدي . وقيل : هو من كلام الله تعالى إخباراً منه لمحمد صلى الله عليه وسلم ) . وجاءت هذه الأخبار معبراً عنها بلفظ الماضي الواقع لتيقن وقوعها . .
ثم ذكر تعالى أنه ينصر رسله ويظفرهم بأعدائهم ، كما فعل بموسى عليه السلام ، حيث أهلك عدوّه فرعون وقومه ، وفيه تبشير للرسول عليه السلام بنصره على قومه ، { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ } ، العاقبة الحسنة لهم ، { وَيَوْمَ يَقُومُ الاْشْهَادُ } : وهو يوم القيامة . قال ابن عباس : ينصرهم بالغلبة ، وفي الآخرة بالعذاب . وقال السدّي : بالانتقام من أعدائهم . وقال أبو العالية : بإفلاح حجتهم . وقال السدّي أيضاً : ما قتل قوم قط نبيًّا أو قوماً من دعاة الحق إلا بعث الله من ينتقم لهم ، فصاروا منصورين فيها وإن قتلوا . انتهى . ألا ترى إلى قتلة الحسين ، رضي الله عنه ، كيف سلط الله عليهم المختار بن عبيد يتبعهم واحداً واحداً حتى قتلهم ؟ وبختنصر تتبع اليهود حين قتلوا يحيى بن زكريا ، عليهما السلام ؟ وقيل : والنصر خاص بمن أظهره الله تعالى على أمّته ، كنوح وموسى ومحمد عليهم السلام ، لأنا نجد من الأنبياء من قتله قومه ، كيحيى ، ومن لم ينصر عليهم . وقال السدي : الخبر عام ، وذلك أن نصرة الرسل والأنبياء واقعة ولا بد إما في حياة الرسول المنصور ، كنوح وموسى عليهما السلام ، وإما بعد موته . ألا ترى إلى ما صنع الله تعالى ببني إسرائيل بعد قتلهم يحيى عليه السلام من تسليط بختنصر حتى انتصر ليحيى عليه السلام ؟ وقرأ الجمهور : يقوم بالياء ؛ وابن هرمز ، وإسماعيل ، والمنقري عن أبي عمرو : بتاء التأنيث . الجماعة والأشهاد ، جمع شهيد ، كشريف وأشراف ، أو جمع شاهد ، كصاحب وأصحاب ، كما قال تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ } . وقال : { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } ، والظاهر أنه من الشهادة . وقيل : من المشاهدة ، بمعنى الحضور . { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ } : بدل من يوم { ياقَوْمِ } . وقرىء : تنفع بالتاء وبالياء ، وتقدم ذكر الخلاف في ذلك في آخر الروم ، ويحتمل أنهم يعتذرون ولا تقبل معذرتهم ، أو أنهم لا معذرة لهم فتقبل . { وَلَهُمُ الْلَّعْنَةُ } والإبعاد من الله . { وَلَهُمْ سُوء الدَّارِ } : سوء عاقبة الدار . .
{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى بَنِى إِسْراءيلَ الْكِتَابَ * هُدًى وَذِكْرَى لاِوْلِى الاْلْبَابِ * فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ بِالْعَشِىّ وَالاْبْكَارِ * إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِىءايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } . .
ولما ذكر ما حل بآل فرعون ، واستطرد من ذلك إلى ذكر شيء من أحوال الكفار في الآخرة ، عاد إلى ذكر ما منح رسوله موسى عليه السلام فقال : { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى } تأنيساً لمحمد عليه السلام ، وتذكيراً لما كانت العرب تعرفه من قصة موسى عليه السلام . والهدى ، يجوز أن يكون الدلائل التي أوردها على فرعون وقومه ، وأن يكون النبوة ، وأن يكون التوراة . { وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْراءيلَ الْكِتَابَ } : الظاهر أنه التوراة ، توارثوها خلف عن سلف ، ويجوز أن يكون الكتاب أريد به : ما أنزل على بني إسرائيل من كتب أنبيائهم ، كالتوراة والزبور والإنجيل ، { هُدًى } ودلالة على الشيء المطلوب ، { وَذِكْرَى } لما كان منسياً فذكر به تعالى في كتبه . وانتصب { هُدًى وَذِكْرَى } على أنهما مفعولان له ، أو على أنهما مصدران في موضع الحال . .
ثم أمر