@ 359 @ واللام دخلت على الجمع ، واسمه على هذا ياس . وقرأ ابن مسعود ، ومن ذكر معه أنه قرأ إدريس : سلام على إدراسين . وعن قتادة : وإن إدريس . وقرأ : على إدريس . وقرأ ابن عليّ : إيليس ، كقراءته وإن إيليس لمن المرسلين . { أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزاً } : هي امرأة لوط ، وكانت كافرة ، إما مستترة بالكفر ، وإما معلنة به . وكان نكاح الوثنيات عندهم جائزاً . { مُّصْبِحِينَ } : أي داخلين في الأصباح . والخطاب في { وَإِنَّكُمْ } لقريش ، وكانت متاجرهم إلى الشأم على مدائن قوم لوط . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ، فتعتبرون بما جرى على من كذب الرسل . .
{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ * لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَئَامَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ * فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ * فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . .
يونس بن متى من بني إسرائيل . وروي أنه نبىء وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، بعثه الله إلى قومه ، فدعاهم للإيمان فخالفوه ، فوعدهم بالعذاب ، فأعلمهم الله بيومه ، فحدده يونس لهم . ثم إن قومه لما رأوا مخايل العذاب قبل أن يباشرهم تابوا وآمنوا ، فتاب الله عليهم وصرف العذاب عنهم . وتقدم شرح قصته ، وأعدنا طرف منها ليفيد ما بين الذكرين . قيل : ولحق يونس غضب ، فأبق إلى ركوب السفينة فراراً من قومه ، وعبر عن الهروب بالإباق ، إذ هو عبد الله ، خرج فار من غير إذن من الله . وروي عن ابن مسعود أنه لما أبعدت السفينة في البحر ، ويونس فيها ، ركدت . فقال أهلها : إن فيها لمن يحبس الله السفينة بسببه ، فلنقترع . فأخذوا لكل سهم ، على أن من طفا سهمه فهو ، ومن غرق سهمه فليس إياه ، فطفا سهم يونس . فعلوا ذلك ثلاثاً ، تقع القرعة عليه ، فأجمعوا على أن يطرحوه . فجاء إلى ركن منها ليقع منها ، فإذا بدابة من دواب البحر ترقبه وترصد له . فانتقل إلى الركن الآخر ، فوجدها حتى استدار بالمركب وهي لا تفارقه ، فعلم أن ذلك من عند الله ، فترامي إليها فالتقمته . ففي قصة يونس عليه السلام هنا جمل محذوفة مقدرة قبل ذكر فراره إلى الفلك ، كما في قصته في سورة الأنبياء في قوله : { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } هو ما بعد هذا ، وقوله : { فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ } ، جمل محذوفة أيضاً . وبمجموع القصص يتبين ما حذف في كل قصة منها . .
{ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ } : من المغلوبين ، وحقيقته من المزلقين عن مقام الظفر في الاسهام . وقرىء : { وَهُوَ مُلِيمٌ } ، بفتح الميم ، وقياسه ملوم ، لأنه من لمته ألومه لوماً ، فهو من ذوات الواو ، ولكنه جيء به على أليم ، كما قالوا : مشيب ومدعى في مشوب ، ومدعو بناء على شيب ودعى . { مِنَ الْمُسَبّحِينَ } : من الذاكرين الله تعالى بالتسبيح والتقديس . والظاهر أنه يريد ما ذكر في قوله في سورة الأنبياء : { فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَاهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } . وقال ابن جبير : هو قوله سبحان الله . وقالت فرقة : تسبيحه صلاة التطوع ؛ فقال ابن عباس ، وقتادة ، وأبو العالية : صلاته في وقت الرخاء تنفعه في وقت الشدة . وقال الضحاك بن قيس على منبره : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، إن يونس كان عبداً ذاكراً ، فلما أصابته الشدة نفعه ذلك . قال الله عز وجل : { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ } ، { لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } . وقال الحسن : تسبيحه : صلاته في بطن الحوت . وروي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه يقول : لأبنين لك مسجداً حيث لم ينبه أحد قبلي . .
وروي أن الحوت