@ 360 @ سافر مع السفينة رافعاً رأسه ليتنفس ويونس يسبح ، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر ، فلفظه سالماً لم يتغير منه شيء ، فأسلموا . والظاهر أن قوله للبث في بطنه إلى يوم البعث ، وعن قتادة : لكان بطن الحوت له قبراً إلى يوم القيامة . وذكر في مدة لبثه في بطن الحوت أقوالاً متكاذبة ، ضربناً عن ذكرها صفحاً . { وَهُوَ سَقِيمٌ } : روي أنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد ، قاله ابن عباس والسدي . وقال ابن عباس ، وأبو هريرة ، وعمرو بن ميمون : اليقطين : القرع خاصة ، قيل : وهي التي أنبتها الله عليه ، وتجمع خصالاً ، برد الظل ، ونعومة الملمس ، وعظم الورق ، والذباب لا يقربها . قيل : وماء ورقه إذا رش به مكان لم يقربه ذباب ، وقال أمية بن أبي الصلت : % ( فأنبت يقطيناً عليه برحمة % .
من الله لولا الله ألفى ضياعياً .
.
) % .
وفيما روي : إنك لتحب القرع ، قال : أجل ، هي شجرة أخي يونس . وقيل : هي شجرة الموز ، تغطى بورقها ، واستظل بأغصانها ، وأفطر على ثمارها . ومعنى { أَنبَتْنَا * عَلَيْهِ شَجَرَةً } ، في كلام العرب : ما كان على ساق من عود ، فيحتمل أن يكون الله أنبتها ذات ساق يستظل بها وبورقها ، خرقاً للعادة ، فنبت وصح وحسن وجهه ، لأن ورق القرع أنفع شيء لمن ينسلخ جلده . .
{ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } ، قال الجمهور : رسالته هذه هي الأولى التي أبق بعدها ، ذكرها آخر القصص تنبيهاً على رسالته ، ويدل عليه : { فَئَامَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ } ، وتمتيع تلك الأمة هو الذي أغضب يونس عليه السلام حتى أبق . وقال ابن عباس ، وقتادة : هي رسالة أخرى بعد أن نبذه بالعراء ، وهي إلى أهل نينوى من ناحية الموصل . وقال الزمخشري : المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه ، وهم أهل نينوى . وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جري إليه إلى الأولين ، أو إلى غيرهم . وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى ، لأن النبي إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيماً فيهم ، فقال لهم : إن الله باعث إليكم نبياً . وقرأ الجمهور : { أَوْ } ، قال ابن عباس بمعنى بل . وقيل : بمعنى الواو وبالواو ، وقرأ جعفر بن محمد . وقيل : للإبهام على المخاطب . وقال المبرد وكثير من البصريين : المعنى على نظر البشر ، وحزرهم أن من وراءهم قال : هم مائة ألف أو يزيدون ، وهذا القول لم يذكر الزمخشري غيره . قال : أو يزيدون في مرأى الناظر ، إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر . والغرض الوصف بالكثرة ، والزيادة ثلاثون ألفاً ، قاله ابن عباس ؛ أو سبعون ألفاً ، قاله ابن جبير ؛ أو عشرون ألفاً ، رواه أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم ) ، وإذا صح بطل ما سواه . .
{ فَئَامِنُواْ } : روي أنهم خرجوا بالأطفال والأولاد والبهائم ، وفرقوا بينها وبين الأمهات ، وناحوا وضجوا وأخلصوا ، فرفع الله عنهم . والتمتع هنا هو بالحياة ، والحين آجالهم السابقة في الأزل ، قاله قتادة والسدي . والضمير في { فَاسْتَفْتِهِمْ } ، قال الزمخشري : معطوف على مثله في أول السورة ، وإن تباعدت بينهما المسافة . أمر رسوله باستفتاء قريش عن وجه إنكار البعث أولاً ، ثم ساق الكلام موصولاً بعضه ببعض ، ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة الضيزى . انتهى . ويبعد ما قاله من العطف . .
وإذا كانوا عدوا الفصل بجملة مثل قولك : كل لحماً واضرب زيداً وخبزاً ، من أقبح التركيب ، فكيف بجمل كثيرة وقصص متباينة ؟ فالقول بالعطف لا يجوز ، والاستفتاء هنا سؤال على جهة التوبيخ والتقريع على قولهم البهتان على الله ، حيث جعلوا لله الإناث في قولهم : الملائكة بنات الله ، مع كراهتهم لهن ، ووأدهم إياهن ، واستنكافهم من ذكرهن . وارتكبوا ثلاثة أنواع من الكفر : التجسيم ، لأن الولادة مختصة بالأجسام ؛ وتفضيل أنفسهم ، حيث نسبوا أرفع الجنسين لهم وغيره لله تعالى ؛ واستهانتهم بمن هو مكرم عند الله ، حيث أنثوهم ، وهم الملائكة . .
بدأ أولاً بتوبيخهم على تفضيل أنفسهم بقوله : { أَلِرَبّكَ الْبَنَاتُ } ، وعدل عن قوله : { * ألربكم } ، لما في ترك الإضافة إليهم من تحسينهم وشرف نبيه بالإضافة إليه . وثنى بأن نسبة الأنوثة إلى الملائكة يقتضي المشاهدة