@ 358 @ و { الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } : هو الإسلام وشرع الله . و { إِلْيَاسَ } ، قال ابن مسعود وقتادة : هو إدريس عليه السلام . ونقلوا عن ابن مسعود ، وابن وثاب ، والأعمش ، والمنهال بن عمر ، والحكم بن عتيبة الكوفي أنهم قرأوا : وإن إدريس لمن المرسلين ، وهو محمولة عندي على تفسيره ، لأن المستفيض عن ابن مسعود أنه قرأ : { وَإِنَّ إِلْيَاسَ } ، وأيضاً تفسيره إلياس بأنه إدريس لعله لا يصح عنه ، لأن إدريس في التاريخ المنقول كان قبل نوح . وفي سورة الأنعام ذكر إلياس ، وأنه ذرية إبراهيم ، أو من ذرية نوح على ما يحتمله قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا } ، { وَمِن ذُرّيَّتِهِ * دَاوُودُ } ، وذكر في جملة هذه الذرية إلياس ، وقيل : إلياس من أولاد هارون . قال الطبري : هو إلياس بن ياسين ابن فنحاص بن العيزار بن هارون . وقرأ الجمهور : { وَإِنَّ إِلْيَاسَ } ، بهمزة قطع مكسورة . وقرأ عكرمة ، والحسن : بخلاف عنهما ؛ والأعرج ، وأبو رجاء ، وابن عامر ، وابن محيصن : بوصل الألف ، فاحتمل أن يكون وصل همزة القطع ، واحتمل أن يكون اسمه ياسا ، ودخلت عليه أل ، كما دخلت على أليسع . وفي حرف أبي ومصحفه : وإن إيليس ، بهمزة مكسورة ، بعدها ياء ساكنة ، بعدها لام مكسورة ، بعدها ياء ساكنة وسين مفتوحة . وقرىء : وإن أدراس ، لغة في إدريس ، كأبراهام في إبراهيم . .
{ أَتَدْعُونَ بَعْلاً } : أي أتعبدون بعلاً ، وهو علم لصنم لهم ، قاله الضحاك والحسن وابن زيد . قيل : وكان من ذهب ، طوله عشرون ذراعاً ، وله أربعة أوجه ، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء ، وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة ، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس ، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام ، وبه سميت مدينتهم بعلبك . وقال عكرمة ، وقتادة : البعل : الرب بلغة اليمن . وسمع ابن عباس رجلاً ينشد ضالة ، فقال له رجل : أنا بعلها ، فقال ابن عباس : الله أكبر ، أتدعون بعلاً ؟ ويقال : من بعل هذه الدار ، أي ربها ؟ والمعنى على هذا : أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله ؟ وقالت فرقة : إن بعلاً اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها . وقرىء : أتدعون بعلاء ، بالمد على وزن حمراء ، ويؤنس هذه القراءة قول من قال : إنه اسم امرأة . .
وقرأ الكوفيون ، وزيد بن عليّ : { اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ } ، بالنصب في الثلاثة بدلاً من { أَحْسَنُ } ، أو عطف بيان إن قلنا إن إضافة التفضيل محضة ؛ وباقي السبعة بالرفع ، أي هو الله ؛ أو يكون استئنافاً مبتدأ وربكم خبره . وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب ، وإذا قطع رفع . { فَكَذَّبُوهُ } : أي كذبه قومه ، إما في قوله : { اللَّهُ رَبُّكُمُ } هذه النسب ، أو فكذبوه فيما جاء به من عند الله من الأمر بالتوحيد وترك الصنم والايمان بما جاءت به الرسل . ومحضرون : مجموعون للعذاب . { إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } : استثناء يدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه ، فهو استثناء متصل من ضمير { فَكَذَّبُوهُ } ، ولا يجوز أن يكون استثناء من { فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } ، لأنهم كانوا يكونون مندرجين فيمن كذب ، ويكونون { عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ } ، وذلك لا يمكن ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعاً ، إذ يصير المعنى : لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون للعذاب ، ولا مسيس لهؤلاء الممسوسين بالآية التي فيها قصة إلياس هذه . .
وقرأ زيد بن عليّ ، ونافع ، وابن عامر : على آل ياسين . وزعموا أن آل مفصولة في المصحف ، وياسين اسم لإلياس . وقيل : اسم لأبي إلياس ، لأنه إلياس بن ياسين ، وآل ياسين هو ابنه إلياس . وقيل : ياسين هو اسم محمد صلى الله عليه وسلم ) . وقرأ باقي السبعة : { عَلَى } ، بهمزة مكسورة ، أي الياسين ، جمع المنسوبين إلى الياس معه ، فسلم عليهم . وهذا يدل على أن من قومه من كان اتبعه على الدين ، وكل واحد ممن نسب إليه كأنه إلياس ، فلما جمعت ، خففت ياء النسبة بحذف إحداهما كراهة التضعيف ، فالتفى ساكنان : الياء فيه وحرف العلة الذي للجمع ، فحذفت لالتقائهما ، كما قالوا : الأشعرون والأعجمون والخبيبون والمهلبون . وحكى أبو عمرو أن منادياً نادى يوم الكلاب : ههلك اليزيديون . وقال الزمخشري : لو كانا جمعاً ، لعرف بالألف واللام . وقرأ أبو رجاء ، والحسن : على الياسين ، بوصل الألف على أنه جمع يراد به إلياس وقومه المؤمنون ، وحذفت ياء النسب ، كما قالوا : الأشعرون ، والألف